Datasets:

ahmadAlrabghi
/

kalila_and_dimna

Modalities:

Image

Text

Formats:

Size:

Libraries:

Dataset card Data Studio Files Files and versions

xet

Community

Dataset Viewer

Auto-converted to Parquet

Split (1)

train · 89 rows

url stringlengths 60 62	page_number int64 0 169	dataset_name stringclasses 1 value	maniscript_name stringclasses 1 value	striped_text stringlengths 251 1.34k	__index_level_0__ int64 0 169
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Im/3	0	data\A4095.xlsx	A4095	بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله اللطيف الخبير العليم القدير القاهر في ملكه الدائم في عزه العادل في قضائه المنفرد في ملكوته خالق الخلق وباسط الرزق ليس كمثله شيء وهو السميع البصير نعم المولى ونعم النصير خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأسكن فيه حكمته وتوارث ذلك ذريته فمنهم سعيدا بإرادته وشقيا بقدرته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها الخلاص وأفوز بها يوم الإخلاص وأشهد أن محمد عبده ورسوله خلقه للهدى وقد فاز من به اهتدى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هذا كتاب كليلة ودمنة وهو مما وضعته علماء الهند من الأمثال والأحاديث التي التمسوا بها أبلغ ما يجدون من القول في النحو الذي أرادوا ولم يزل العقلاء من أهل كل زمان يلتمسون أن يعقل عنهم ويحتالون لذلك بصنوف الحيل ويطلبون في إخراج ما عندهم من العلل فدعاهم ذلك إلى أن وضعوا هذا الكتاب ولخصوا فيه من بليغ الكلام ومنفعته على أفواه الطير والبهائم والسباع فاجتمع لهم من ذلك أمران أما هم فوجدوا متصرفا في القول وسعها يأخذون فيها وأما هو فجمع لهو وحكمة فاجتناه الحكماء لحكمته والسخفاء للهوه وأما المعلمون من الأحداث وغيرهم فنشطوا لعلمه وخف عليهم حفظه فإذا احتنك الحدث واجتمع له أمره وثاب إليه عقله تدبر ما كان حفظ منه	0
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Im/4	1	data\A4095.xlsx	A4095	وما وعاه في نفسه وهو لا يدري ما هو عرف أنه قد ظفر من ذلك بكنوز عظام فكان كالرجل يدرك فيجد أباه قد كنز له من الذهب والفضة واعتقد له ما استغنى به عن استقبال السعي والطلب ولم يكن إذ كثرت صنوف أصول العلم ثم تفرقت فروعها بد من أن يكثر العلل التي تجري عليها أقاويل العلماء فأول ما ينبغي لمن طلب هذا الكتاب أن يبتدئ فيه بجودة قراءته والتثبت فيه ولا يكون غايته منه بلوغ آخره قبل الإحكام له فليس ينتفع بقراءته ولا يفيد منه شيئا وطمحتا عيناه إلى جمعه ولم يأخذ منه ما *صفا الأول في الأول فإنه خليق لا يصيب منه إلا كما أصاب الرجل الذي بلغني أنه رأى في بعض الصحاري كنزا فلما كشف عنه ونظر إليه رأى شيئا عظيما لا عهد له بمثله فقال في نفسه إن أنا أحرزت ما ها هنا بنقله وحدي لم أنقله إلا في أيام وجعلت لنفسي عملا طويلا ولكن أستأجر رجالا يحملونه ففعل ذلك وجاء بالرجال فحمل كل واحد منهم ما أطاق وانطلقوا فيما زعم إلى منزله فلم يزل دائبا في ذلك حتى فرغ واستنفد كله ثم انطلق إلى منزله بعد الفراغ فلم يجد شيئا ووجد كل رجل منهم قد حاز ما حمل لنفسه ولم يكن له إلا العناء في استخراجه والتعب عليه فليس ينبغي أن يجاوز شيئا إلى غيره حتى يحكمه ويتثبت فيه وفي قراءته وإحكامه فعليه بالفهم لما يقرأ والمعرفة حتى يضع كل شيء موضعه وينسبه إلى معناه ولا يعرض في نفسه أنه إذا أحكم القراءة له عرف ظاهر القول فقد فرغ مما ينبغي له أن يعرف منه كما أن رجلا لو أتي بجوز صحاح في قشوره لم ينتفع به	1
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Im/5	2	data\A4095.xlsx	A4095	حتى يكسره ويستخرج ما فيه فعليه أن يعلم أن له خبيئا وأن يلتمس علم ذلك ولا يكن كالرجل الذي بلغني أنه طلب علم الفصاحة فأتي صديقا له ومعه صحيفة صفراء فسأله أن يكتب له فيها علم العربية فكتب له في الصحيفة ما أراد فانطلق الرجل إلى منزله وجعل يقرأها ولا يدري ما معناها وظن أنه قد أحكم ما في الصحيفة وأنه تكلم في بعض المجالس وفيه جماعة من أهل الأدب والفصاحة فقال له بعضهم ألحنت فقال ألحن والصحيفة الصفراء في منزلي فالمرء حقيق أن يطلب العلم فإذا وجد حاجته منه فهمه وعرفه وبلغ غايته منه انتفع بما يرى فيه من الأدب فإنه يقال في أمرين لا ينبغي لأحد أن يقتصر فيها بل يكثر منها حسن العمل ومنها التزود للآخرة ويقال أيضا في أمرين يحتاج إليهما كل من احتاج إلى الحياة منها المال ومنها الأدب ويقال في أمرين لا ينبغي لأحد أن يستكبر عنها الأدب والموت ويقال إن الأدب يجلو العقل كما يجلو الودك النار ويزيدها ضوءا والأدب يرفع صاحبه كما ترفع الكرة يضربها الرجل الشديد والعلم ينجي من استعمله ومن علم ولم يستعمل علمه لم ينتفع بعلمه كان كمثل الرجل الذي بلغني أن سارقا دخل عليه في منزله فاستيقظ الرجل فقال في نفسه لأسكتن حتى أنظر غاية ما يصنع ولأتركنه حتى إذا فرغ مما يأخذ قمت إليه فنغصت ذلك عليه وكدرته فسكت وهو في فراشه وجعل السارق يطوف البيت ويجمع ما قدر عليه حتى غلب على صاحب البيت	2
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Im/6	3	data\A4095.xlsx	A4095	النعاس وحمله النوم فنام ووافق ذلك فراغ السارق فعمد إلى جميع ما كان قد جمعه فاحتمله وانطلق به واستيقظ الرجل بعد ذهاب السارق فلم يرى في منزله شيئا فجعل يلوم نفسه ويعاتبها ويعض كفيه أسفا وعرف أن فطنته وعلمه لم ينفعاه شيئا إذ لم يستعملهما والعلم لا يتم لامرئ إلا بالعمل والعلم هو الشجرة والعمل هو الثمرة وإنما يطلب الرجل العلم لينتفع به ينبغي أن يطلبه ورب رجل لو قيل له إن رجلا كان عارفا بطريق مخوف ثم ركبه فأصابه فيه مكروه أو أذى لتعجب من جهله وفعله ولعله أن يكون يركب من الأمور ما يعرف به القبيح والدناءة وشر العاقبة وهو بذلك أشد استيقانا من ذلك الرجل الذي ركب الهول بجهله وحمله على ذلك هواه وهو <لا> ينتفع بمعرفته كالمريض العالم الذي يعلم ثقيل الطعام من خفيفه ثم تحمله الشهوة على أكل الثقيل منه فأقل الناس عذرا في ترك الأعمال الحسنة من قد عرف فضلها وحسن عائدتها وما فيها من المنفعة وليس *يعذر أحدا على الخطأ كما أنه لو أن رجلين أحدهم أعمى والآخر بصير وقعا في جب فهلكا جميعا ولم ينج البصير من الهلكة لأنه صار والأعمى في الجب بمنزلة واحدة لكان البصير عند العقلاء أقل عذرا من الأعمى ومن كان يطلب العلم ليعلمه غيره وليعرفه سواه فإنما هو بمنزلة العين التي ينتفع الإنسان بما بها وليس لها من تلك المنفعة شيء فإن خلالا ثلاثا ينبغي لصاحب الدنيا يقتبسها ويقتنيها منها العلم ومنها المال	3
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Im/7	4	data\A4095.xlsx	A4095	ومنها اتخاذ المعروف وقد قيل إنه لا ينبغي لطالب أن يطلب أمرا إلا من بعد معرفته بفضله فإنه يعد جاهلا من طلب أمرا وعنى نفسه فيه وليس له منفعة وقد ترى بعض من يقرأ هذا الكتاب فيتعجب منه ويجهد نفسه في حفظه ويترك العمل به فيكون كالأعمى الذي عير الأعور بعورته وينبغي لمن عقل أن لا يطلب أمرا فيه مضرة لصاحبه يطلب بذلك صلاح نفسه فإن الغادر مأخوذ ومن فعل ذلك كان خليقا أن يصيبه ما أصاب الرجل الذي بلغني أنه كان يبيع السمسم وكان له شريك وكان سمسمهما في بيت واحد غير أن الذي لكل واحد منهما على حدة فأحب أحدهما أن يذهب بالذي لشريكه من السمسم ثم أحب أن يجعل له علامة حتى إذا دنا الليل عرفه بها فعمد إلى ردائه فغطاه به ثم انطلق إلى صديق له فأخبره بالذي هم به وسأله أن يعينه عليه فأبى صديقه ذلك إلا أن يجعل له نصف ما يأخذ منه ففعل ثم إن شريكه دخل البيت فرأى سمسمه مغطى برداء صاحبه فظن أنه غطاه من التراب والدواب فقال في نفسه لقد أحسن شريكي في تغطية سمسمي وإشفاقه عليه وسمسمه أحق أن يغطى بردائه فحول الرداء على سمسم صاحبه فلما كان في الليل جاء التاجر والرجل معه ودخلا البيت وهو مظلم فجعل الرجل يلتمس ويجس حتى وقعت يده على الرداء المغطى على السمسم وهو يقدر أنه كما غطاه وأنه سمسم صاحبه فأخذ نصفه	4
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Im/8	5	data\A4095.xlsx	A4095	وأعطى صديقه الذي عاونه نصفه فلما أصبح جاء هو وشريكه حتى دخلا البيت فلما رأى الرجل أن الذي ذهب سمسمه ورأى سمسم صاحبه على حاله دعا بالويل وعرف أن الذي أخذه ذلك الرجل ليس براده ويخشى أن يكون فيه فضيحته فلم يقل شيئا فينبغي لمن طلب أمرا أن يكون له غاية ينتهي إليها فإنه من أجرى إلى غير غاية أوشك أن يكون فيه !غاية وتقوم فيه دابته وهو حقيق أن لا يعني نفسه بطلب ما لا يجد وأن يكون لآخرته مؤثرا على دنياه فإنه قد قيل من قل تعلقه بالدنيا قلت حسرته عند فراقها وينبغي له أن لا يأيس من أن يصيب ذلك وإن قسى قلبه فإنه يقال في أمرين يجملان بكل أحد وهما النسك والمال وإنما مثل ذلك كالنار المتأججة التي ليست تقذف إليها إلا قبلته وكان لها موافقا وربما أصاب الرجل الشيء وهو غير راج له كما أصاب الرجل الذي بلغني أنه كانت به حاجة شديدة وخلة ظاهرة وفاقة وخشية فغدا يطلب من معارفه وشكا إليهم وسألهم ثوبا يلبسه وجهد فلم يصب شيئا ورجع إلى منزله وهو آيس فبينما هو نائم على فراشه وإذا بسارق قد دخل عليه في منزله فلما رآه الرجل قال ما في منزلي شيئا يستطيع هذا السارق أن يسرقه فليصنع ما يشاء وليجهد نفسه وإن السارق دار في البيت وطلب فلم يجد شيئا يأخذه فغاظه ذلك وقال في نفسه ما أرى ها هنا شيئا وما أحب أن يذهب عنائي باطلا فانطلق إلى خابئة فيها شيء من بر فقال	5
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Im/9	6	data\A4095.xlsx	A4095	[فقال] ما أجد بدا من أخذ هذا البر إذ لم أجد غيره فبسط ملحفة كانت عليه وصب ذلك البر فيها فلما بصر به الرجل قد جعل البر في الملحفة وهو يريد أن ينطلق بها قال ليس على هذا صبر يذهب البر ويجتمع علي أمران الجوع والعري ولن يجتمعا على أحد إلا أهلكاه فصاح بالسارق فهرب من البيت وترك الملحفة فأخذها صاحب المنزل فلبسها وأعاد البر إلى مكانه فليس ينبغي لأحد أن ييأس ولا يطلب ما لا ينال ولكن لا يدع جهدا في الطلب على معرفة فإن الفضل والرزق يأتيان من لا يطلبهما ولكن إذا نظر في ذلك وجد من طلب وأصاب أكثر ممن أصاب بغير طلب ولم يكن حقيقا أن يقتدي بذلك الواحد الذي أصاب من غير طلب ولكن يقتدي بالكثير الذي طلبوا فأصابوا وحق على المرء أن يكثر المقايسة وينتفع بالتجارب فإذا أصابه الشيء فيه مضرة عليه حذره وأشباهه وقاس بعضه ببعض حتى يحذر الشيء بما لقي من غيره فإنه إن لم يحذر به إلا الذي لقي بعينه لم يحكم التجارب في جميع عمره ولم يزل يأتيه شيء لم يكن أتاه بعينه فأما الذي ينبغي ألا يدعه على حال فيحذر ما قد أصابه وينبغي له مع ذلك أن يحذر ما يصيب غيره من الضرر حتى يسلم من لم يأتيه مثله ولا يكون مثله كمثل الحمامة التي يؤخذ فراخها فيذبحان وترى ذلك في وكرها ولا يمنعها من الإقامة في مكانها حتى تؤخذ هي فتذبح وينبغي له مع ذلك أن تكون الأمور عنده حد لا يجوزه ولا يقصر عنه فإنه من جاز الحد كان كمن قصر عنه لأنهما خالفا الحد جميعا وينبغي له أن يعلم أن كل إنسان ساع فمن كان سعيه لآخرته ودنياه فحياته له	6
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Im/10	7	data\A4095.xlsx	A4095	ويقال في ثلاثة أشياء يحق على صاحب الدنيا إصلاحها وألا يتدارك لنفسه فيها أمر دنياه وأمر معيشته وأمر ما بينه وبين الناس وقد قيل في أمور شتى من كانت فيه لم يستقم أمره له منها التواني في العمل ومنها التضييع للغرض ومنها التصديق لكل مخبر ورب رجل يخبر بالشيء فلا يقبله ولا يعرف استقامته فيصدق به لما يرى من تصديق غيره فيتمادى به ذلك حتى يكون كأنه عرفه ورجل يصدق به لهواه في الأمر الذي يخبر به فالعاقل لا يزال للهوى متهما وينبغي له أن لا يقبل من أحد وإن كان صدوقا إلا صدقا وينبغي له أن لا يتمادى في الخطأ ولا يتوانى في النظر وينبغي له إذا التبس عليه أمر ألا يلج في شيء منه ولا يقدم عليه قبل أن يستيقن بالصواب منه فيكون كالرجل الذي يجور عن سنن للطريق فيسير على جوره وعلى الاعوجاج ولا يزداد في السير حثا إلا ازداد من الطريق بعدا أو كالرجل الذي يدخل في عينه القذى فلا يزال يدلكها حتى يعلوها البياض فتذهب وعلى العاقل ألا يأخذ إلا بالحزم ويعلم أن الجزاء كائن ومن آتى إلى صاحبه بمثل ما أتي إليه فشق عليه فقد ظلم فمن قرأ هذا الكتاب فليقتدي بما في هذا الباب فإنني أرجو أن يزيده بصرا ومعرفة فإذا عرفه اكتفى واستغنى عن غيره وإن لم يعرفه لم ينتفع به فيكون مثله كمثل الذي رمى بحجر في ظلمة الليل فلا يدري أين وقع الحجر ولا ماذا صنع وإنا لما رأينا أهل فارس قد فسروا	7
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/11	8	data\A4095.xlsx	A4095	هذا الكتاب وأخرجوه من الهندية إلى الفارسية ألحقوا بابا بالعربية ليكون له أسا ليستبين فيه أمر هذا الكتاب لمن أراد قراءته وفهمه والاقتباس منه فأول ما نبتدئ بذكر بعث برزويه إلى بلاد الهند باب توجيه كسرى أنوشروان برزويه إلى بلاد الهند لطلب الكتاب قال بزرجمهر أما بعد فإن الله تبارك وتعالى خلق خلقه برحمته ومن على عباده بفضله ورزقهم ما يقدرون به على إصلاح شأنهم ومعايشهم في الدنيا وما يدركون به استنتقاذ أرواحهم من أليم العذاب وأفضل ما رزقهم الله ومن عليهم به العقل الذي هو قوة لجميع الأشياء فما يقدر أحد من الخلق على إصلاح معيشه ولا اجترار منفعة ولا دفع مضرة إلا به وكذلك طالب الآخرة المجتهد على استنقاذ روحه من الهلكة فالعقل هو سبب لكل خير وهو مكتسب بالتجارب والآداب وغريزته مكنونة في الإنسان كامنة ككمون النار في الحجر والعود لا ترى حتى يقدحها قادح من غيرها يظهر ضوءها وحريقها لذلك العقل من الإنسان لا يظهر حتى يظهره الأدب وتقويه التجارب فإذا استحكم كان هو ولي التجارب والمقوي لكل أدب والتخير لجميع الأشياء والدافع لكل ضر فلا شيء أفضل من العقل والأدب فمن من عليه خالقه بالعقل وأعان هو على نفسه بالمثابرة على الأدب والحزم سعد جده وأدرك أمله في الدنيا والآخرة والعقل	8
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/12	9	data\A4095.xlsx	A4095	هو المقوي للملك السعيد الجد الجليل المرتبة ولا تصلح السوقة إلا عليه وعلى تدبيره وقد جعل الله لكل شيء سببا ولكل سبب علة ولكل علة مجرى وكان من علة انتساخ هذا الكتاب ونقله من بلاد الهند إلى مملكة فارس إلهام الله تعالى أنوشروان كسرى بن قباذ في ذلك لأنه كان من أفضل ملوك فارس علما وحكما ورأيا وأكثرهم لمكان العلم والأدب وأحرصهم على طلب الخير وأسرعهم إلى اقتناء ما يزينه بزينة الحكمة وفى معرفة الخير من الشر والضر من النفع والصديق من العدو ولم يكن يعرف ذلك إلا بعون الله خلفاءه وسياسة عباده وبلاده لإقامة رعيته وأموره فكان مما خص الله به كسرى أنوشروان إكرامه بهذه الكرامة ورزقة هذه النعمة أن استوثقت له الرعية وأذعنت له بالطاعة وصفت له الدنيا وانقادت الملوك له فركنت إلى طاعته وتلك نعمة من الله سابغة قسمت ما له في دولته وغياث ملكه فينما هو في عز ملكه وبهاء سلطانه إذ بلغه أن بالهند كتابا من تأليف العلماء وترصيف الحكماء وتدبير الفهماء قد ميزت أبوابه وأثبتت عجائبه على أفواه الطير والبهائم والوحش والسباع والأنام والهوام وسائر حشرات الأرض مما يحتاج إليه الملوك في سياسة رعيتها وإقامة أودها وإنصافها فلا قوام للرعية إلا بحسن سياسة الملوك وسعة أخلاقها ورأفتها ورحمتها ولذلك لم يدع كسرى أنوشروان اقتناء ذلك الكتاب	9
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/13	10	data\A4095.xlsx	A4095	الذي بلغه عنه أنه ببلاد الهند وضمه إلى نفسه واستعان به على سياسته والعمل بحسن تدبيره فلما عزم على ما أراد من أمره وهم بالبعثة في طلب كتاب كليلة ودمنة وانتساخه قال في نفسه من لهذا الأمر العظيم والأدب النفيس والخطب الجليل الذي يزين به ملوك الهند دون ملوك فارس وقد هممنا أن لا ندع مع بعد السفر وصعوبة الأمر ومخاطرة للطريق وكثرة النفقة طلب هذا الكتاب حتى نصل إلى نسخه وبالثقة على اتفاقه ورصانة أبوابه وعجائبه ولا بد لنا من أن ننتخب من نريد إرساله في ذلك في هذين الصنفين من الكتاب والأطباء فإن أهل هذين يجتمع عندهم جوامع من بحور الأدب وكنوز الحكمة في أناة ومودة وتجربة ونفاذ حيلة وتحفظ وتحرر وكمال مروءة ودهاء وفطنة وحلم وتصنع ولطف سياسة وكتمان سر فلما فحص الرأي فيما اجتمع عليه اختار في مملكته وانتخب من علمائه فلم يجد أحدا على نحو ذلك إلا بروزيه بن أدرهرير وكان من رؤساء أطباء فارس ومن أبناء مقاتلتها فدعاه كسرى وقال له إنا قد انتخبناك لموضع حاجتنا وتفرسنا فيك الخير ولعلنا فيك أن يكون على ما أردنا من إصابة هذه الحاجة التي نحن مرسلوك فيها لما علمنا منك من الاجتهاد في العلم والأدب وحرصك على طلبته ونحن مرسلوك إلى بلد الهند لما بلغنا عن كتاب ملوكها وعلمائها قد ألفته العلماء وهذبته الحكماء وأتقنته التقناء ليس في خزائن الملوك مثله يستعين به على عظائمهم ملوك الهند فتعزم على المسير بسببه	10
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/14	11	data\A4095.xlsx	A4095	فتستنقذه برفق ومودة وتلطف وتحمل معك من المال ما أردت ومن طرف بلاد فارس وهداياها ما تعلم أنه يعينك على استخلاصه مع ما تقدر عليه من الكتب التي يحتاج إليها الملوك وليكن ذلك في سر مكتوم فإذا أكملت ما تريده وأنت في بلد الهند كتبت إلينا بذلك وأسرعت الوفود إلى حضرتنا فإنا مجزلو عطيتك ورافعو درجتك ومبلغوك فوق ما أملته من دولتنا فبادر لما أمرت واحفظ ما وصيت به وليكن من شأنك التثبت والتأني في جميع أمورك فخر بروزيه ساجدا وقال سمعا وطاعة سيجدني الملك كما أحب إن شاء الله ثم نهض إلى منزله فتخير من الأيام أثبتها ومن الساعات أبركها وسار في اليوم المختار فلم يزل تخفضه أرض وترفعه أخرى حتى قدم إلى بلاد الهند فأراح من وعثاء الطريق ثم أنه طاف بباب الملك وتخلل مجالس السوقة وسأل عن قرابة الملك والأشراف وعن العلماء والفلاسفة فجعل يغشاهم في منازلهم ويتلقاهم بالتحية والمساءلة على باب الملك ويخبرهم أنه قدم بلادهم لطلب العلم والأدب وأنه محتاج إلى معونتهم على ما طلب من ذلك ويسألهم إرشاده إلى حاجته مع شدة كتمانه لما قدم له وكنايته عنه فلم يزل بذلك زمانا طويلا يتأدب بما هو أعلم به ويتعلم من العلم ما هو ماهر فيه ويكني عن بغيته وحاجته واتخذ لطول لبثه وإقامته أصدقاء كثير من أهل الهند من الأشراف والسوقة وأهل كل صناعة واختص من جماعتهم رجلا كان شريفا عالما يسمى أزويه وكان صاحب سره ومشورته لما ظهر له من علمه	11
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/15	12	data\A4095.xlsx	A4095	وفضل أدبه وصح له من إخائه ومحض مودته وفصاحة منطقه وكان يشاوره في جميع أموره ويستريح إليه فيما يهمه إلا أنه كان يكتمه الأمر الذي هو بغيته وكان يتلوه باللطف لينظر هل يراه موضعا لإطلاعه على سره فلم يزل يبحث عن ذات نفسه حتى وثق به وعلم أنه استودع من السر موضعا وبما يسل مشفع وفيما استعان به عليه مجتهد فازداد له إلطافا فكان في ذلك اليوم الذي رجا أن يكون قد ظفر بحاجته قد أعظم النفقة مع طول الغيبة وإلطاف الأصدقاء ومجالستهم على الطعام ومنادمتهم على الشراب لطلب الثقات منهم فلم يطمئن إلى أحد منهم إلا إلى صديقه ذلك عندما *ورد عليه وكيف فتش عقله ووثق به واطمأن إليه أن قال له يوما وهما جالسان يا أخي ما أريد أن أكتمك من أمري شيئا فوق ما قد كتمتك فاعلم أني لأمر جئت وهو غير ما ترى يظهر مني والعاقل يكتفى من الرجل بالعلامات الظاهرة فيه من نظره وإشارته بيده فيعلم سر نفسه وما يضمر عليه قلبه قال الهندي إني وإن كنت لم أبدئك ولم أخبرك لما له جئت وإياه طلبت فإنك تكتم أمرا تطلبه وأنت تظهر غيره فإنه لم يكن يخفى علي ولكن لرغبتي في إخائك كرهت أن أواجهك فإنه قد ظهر لي ما تكتم وأنه قد استبان لي ما أنت فيه وما تخفيه فأما إذا افتتحت الكلام فأنا مخبرك عن نفسك ومظهر لك سريرة أمرك ومعلمك حالك الذي قدمت عليه فإنك قدمت بلادنا لتسلبنا علومنا الرفيعة وكنوزنا النفيسة فتذهب بها إلى بلادك لتسر بها ملكك وكان قدومك لمكر ومصادقتك بالخديعة ولكن لما رأيت صبرك	12
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/16	13	data\A4095.xlsx	A4095	وطول مواظبتك على طلب حاجتك وتحفظك من أن تسقط في الكلام في طول لبثك عندنا بشيء نستدل به على سريرة أمرك ازددت رغبة في عقلك وأحببت إخائك ولا أعلم أني رأيت أرزن منك عقلا ولا أحسن أدبا ولا أصبر على طلب حاجته ولا أكتم للسر منك ولا أحسن خلقا ولا سيما في بلاد غربة ومملكة غير ممكلتك وعند قوم لم تكن تعرف سنتهم ولا أمرهم واعلم أن عقل الرجل يستبين في أمور ثمان الأولى منها الرفق والتلطف والثانية أن يعرف الرجل نفسه ويحفظها والثالثة طاعة الملوك وتحري ما يرضيهم والرابعة معرفة الرجل بموضع سره وكيف ينبغي أن يطلع عليه صديقه والخامسة أن يكون على أبواب الملوك حمولا أديبا ملق اللسان والسادسة أن يكون لسره ولسر غيره حافظا والسابعة أن يكون قادرا على لسانه فلا يلفظ من الكلام إلا ما قد روي فيه وقدره والثامنة إذا كان في المحفل لم يجب إلا بما يسئل عنه ولم يظهر من الأمر إلا ما يجب عليه ومن اجتمعت فيه هذه الخصال الثمانية كان هو الداعي إلى نفسه الخير والربح والتجنب لنفسه الشر والحيران وقد كملت هذه الخصال بأسرها وهي بينة ظاهرة فيك ومن اجتمعت فيه هذه الخصال شفع في طلبته وأسعف بحاجته وإن حاجتك التي تطلب قد أرعبتني وأدخلت علي الوحشة والخشية ونسأل الله السلامة فلما سمع بروزيه بذلك تيقن أنه قد ظفر بحاجته وأقبل عليه وقال يا أخي لم تخطأ فراستي فيك في أول مقدمي عليك واستماعي جوابك وإنما رميتك بجملة كلامي	13
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/17	14	data\A4095.xlsx	A4095	وإيجاز منطقي لما علمت من حسن منقبتك وبعد مذهبك وعرضك على معدن الفطنة ?واسها الحكمة فلذلك وثقت منك بحسن القول مني وقبول كلامي وإسعافي بحاجتي وإن إفضاء السر إلى العلماء والعقلاء وأهل العلم والثقة بهم أفضل عدتهم وكذلك شبهت العلماء توديع الأسرار عند أهلها بالجبل الشامخ الذي لا تزيله الريح ولا تحركه بكثرة إذرائها وأنت بحمد الله يدك عندي جميلة عليها أعتمد قال الهندي حفظ الأسرار وكتمانها شبهته العلماء بغلاف القارورة المغطى عليها تراها واحدة فإذا نزع الغطاء عنها فجرمان اثنان فإذا فرغت عن ما فيها فهي ثلاثة مشهورة قد علم بها ورأس الأدب حفظ السر لأن السر إذا تكلم به صار لسانان فإذا تكلم به اللسان صار إلى ثلاثة ومثله في ذلك مثل الغيوم التي في السماء منقطعة فتداعت الألسن أنها مستوية ليس فيها خلل ولا فرجة كذبهم قوم آخرون وعلى الناظر تصديق ذلك من كذبه ولك عندي يا أخي مع قرب العهد بيننا من الأيدي الكرام والألطاف ما أتذمم لذلك منك وإنك تسألني حاجة أتخوف أن تذيع أو يفطن بها حاسد فيكون ذلك فيه هلاكي واستئصالي ثم لا أقدر على الافتداء بعوض ولا مال ولا جاه ولا عون لأن هذا الملك سخطه أدنى شيء ولا يرضيه كثرة التملق ولا التضرع فذلك دعاني إلى الانقباض منك والتأكد عليك قال بروزيه من أفضل الأشياء في الرجال كتمان السر وحفظ ما استودع منه فإنما نجاح حاجتي	14
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/18	15	data\A4095.xlsx	A4095	بإذن الله في يدك وكتمان ذلك في يدي قال بروزيه إن العلماء قد مدحت الصديق إذا كتم سر صديقه وهذا الأمر الذي قدمت له إياك اعتمدت به وإليك أفشيته ولن يتجاوز مني ومنك إلى أحد تكرهه وتخاف إذاعته وإفشاءه وأنت تعلم أنك فقط من قبلي آمن ولكنك تبقى أهل بلادك المطيقين بالملك أن شيعوا ذلك وأرجو أن لا يشيع لأني ظاعن وأنت مقيم وما أقمت فليس بيننا ثالث فشفعه الهندي فيما طلب وأعطاه حاجته من الكتب ودفع إليه كتاب كليلة ودمنة فلما وقع بروزيه على تفسير الكتب ونسخها أقام على ذلك زمانا عظمت فيه مئونته ونفقته وأنصب فيه بدنه وأسهد فيه عينه وذهب فيه نهاره من الخوف على نفسه فلما فرغ منه ومن سائر الكتب وأحكمها كتب إلى كسرى أنوشروان يعلمه بما لقي من التعب والعناء وأنه قد فرغ منه ومن سائر الكتب أجابه كسرى في سر مكتوم يأمره بالأوبة إليه ساعة يرد عليه بالكتاب فتجهز بروزيه وخرج من بلاد الهند حتى ورد فارس ودخل على كسرى وخر له ساجدا فلما رفع رأسه واستوى قائما رآه كسرى قد شحب لونه وتغير سحنته وشاب رأسه فرق له وقال أبشر أيها العبد المطيع مولاه الناصح لملكه ببشرى صالحة فقد استوجبت الشكر منا ومن جميع الخاصة والعامة فإنا لا ندع رفدك والنظر لك ونحن صائغون لك أفضل ما رجوت وأملت ثم أمره أن ينصرف ويريح بدنه سبعة أيام ثم يأتيه ففعل فلما كان في اليوم الثامن	15
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/19	16	data\A4095.xlsx	A4095	دعا به وأمر أن يحضر العلماء والأشراف من أهل مملكته وأمر برزجمهر أن يقرأ الكتاب على رؤوس الأشهاد فلما قرأ الكتاب وسمعوا ما فيه من العلم والأدب والأعاجيب التى حكوها على ألسن الحيوان والطير فعجبوا منه وشكروا الله على ما أنعم عليهم به من الأدب والمعرفة على يد بروزيه وأحسنوا الثناء عليه ثم أن الملك أمر بأن تفتح خزائن الذهب والفضة لبروزيه وأمره أن يأخذ منها ما أحب فسجد بروزيه للملك ورفع رأسه وقال عشت أيها الملك حميدا مخلدا إنا بحمد الله قد أفادنا الله في دولة الملك وبها ملكه وعز سلطانه ما لم نأمله وكل ما أنعم الله علينا به من الله ومن الملك ولا حاجة لي إلى شيء من ذلك لكني أريد أن أسأل الملك حاجة يسيرة يكون لي في قضائها ذكر وفخر قال الملك وما تلك الحاجة قال بروزيه إن رأى الملك أن يأمر برزجمهر بن التحتكان أن يضع لي في رأس هذا الكتاب بابا باسمي وينسب إليه شأني وفعلي ليكون لمن بعدي عبرة وتأديبا ويحيى به ذكري ما حييت في الدنيا وبعد وفاتي فإنه إن فعل ذلك فقد شرفني وأهل بيتي آخر الأبد فقال الملك ما أهون ما سألت في حيث ما استوجبت وتقدم إلى برزجمهر بأن يضع له بابا وينسبه إليه على موافقة الحق *لأن يكون تحريضا لمن قرأه على طاعة الملوك ولا يقصر في إتقانه ويختبره بغاية وسعة وطاقته فقبل برزجمهر وصية كسرى في ذلك لعله يحسن رأيه في بروزيه وإكرامه	16
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lv/20	17	data\A4095.xlsx	A4095	[وإكرامه] إياه وأطنب في ذلك الباب واجتهد في إتقانه وترصيفه ونسبته إليه وذكر تنقله من حال إلى حال وبحثه عن الأديان والتماسه طلب الحكمة ثم استأذن على الملك فقرأه بين يديه فتعجب كسرى ومن بحضرته منه فمن قرأ هذا الكتاب فليعرف السبب الذي وضع عليه كتاب كليلة ودمنة وحول من أرض الهند إلى أرض فارس وليعرف فضل الملوك وطاعتهم ويؤثرها على سائر الأعمال وليعلم أن الشريف من شرفته الملوك ورفعته في دولتها انقضى الباب باب برزويه الطبيب من كلام بزرجمهر بن التحتكان قال بزرجمهر إن برزويه رأس أطباء فارس وهو الذي ولي بانتساخ هذا الكتاب وترجمه من كتب الهند قال إن أبي كان من المقاتلة وكانت أمي من بنات عظماء الزمازمة وفقهائهم في دينهم وكان مما ابتدأني به ربي من نعمة أني كنت من أكرم ولد أبوي عليهما وأنهما أسلماني في تعليم الطب لما صار لي من عمري سبع سنين فلما بلغت وعرفت أمر الطب وفضله شكرت رأيهما في ذلك ورغبت في تعليمه حتى إذا سددت منه علما وبلغت فيه ما ائمنت له نفسي على مداواة المرضى وهممت بذلك أمرت نفسي وذكرتها وخيرتها بين الأمور الأربعة التي هي إياها يطلب الناس ولها يتبعون وإليها يجدون فقلت أي هذه الحلال ينبغي لمثلي أن يلتمس وأيها أحرى إن هو بغاه أن يدرك منه حاجته	17
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Bu/21	18	data\A4095.xlsx	A4095	المال أم اللذات أم الصوت أم أجر الآخرة واستدللت على المختار من ذلك فوجدت الطب محمودا عند العقلاء ولم أجده مذموما عند أحد من أهل الأديان والملل وأصبت في كتبهم أن أفضل الأطباء من واظب على طبه لا يريد بذلك إلا الآخرة فرأيت <أن> أواظب عليه أبتغي ذلك ولا ألتمس له ثمنا ولا أكون كالتاجر الخاسر الذي باع ياقوتة كان *مصيبا من ثمنها غنى الدهر بخرزة لا تساوي شيئا ووجدت في كتبهم أيضا أن الطبيب المبتغي بطبه أجر الآخرة لا ينقصه ذلك من حظه في الدنيا فإنما مثله في ذلك مثل الحراث الذي ينثر أرضه ويعمرها ابتغاء الزرع لا العشب ثم هي لا محالة نابت فيها ألوان منه فأقبلت على مداواة المرضى رجاء ذلك فلم أدع مريضا أرجو له البرء وأطمع له في خفة الوجع إلا بلغت في معالجته جهدي وإلا وصفت له ومن قدرت على القيام عليه قمت عليه وفعلت به ذلك ولم أرد لشيء من ذلك جزاء ولا مكافأة لمن فعلته به ولم أغبط من نظرائي ومن هو مثلي في العلم وفوقي في المال أحدا إلا بعين صلاح أو حس سيرة في الناس قولا وعملا وكنت أقرع نفسي إذا هي نازعتني إلى أن تغبط أولئك وتتمنى منازلهم وآبى لها إلا الخصومة وأقول يا نفس أما تعرفين نفعك من ضرك ألا تنتهي عن الرغبة فيما لم ينله أحد إلا قل انتفاعه به وكثر عناؤه فيه واشتدت ؟مورنيه عليه عند فراقه وعظمت التبعة عليه بعده يا نفس أما تذكرين ما أمامك فتنسي ما تشرهين إليه فيما بين يديك ألا تستحين من	18
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Bu/22	19	data\A4095.xlsx	A4095	مشاركة العجزة الجهال في حب هذه الفانية البائدة التي من كان في يده منها شيء فليس له ولا بباق عليه والتي لا يألفها إلا المغترون الغافلون يا نفس اقصري عن هذا السفه وما أنت عليه من خطل للرأي فيه وأقبلي بقوتك ونفعك وما تملكين على تقديم الخير والأجر ما استطعت وإياك والتسويف والتواني واعلمي أن هذا الجسد ذو آفات وأنه مملوء أخلاطا فاسدة قذرة تجمعها أربعة أشياء متعادية متغالبة تعمدهن الحياة وهي إلى نفاد كالصنم المفصل أعضاؤه إذا ركبت جمعها مسمار واحد وأمسك بعضها على بعض فإذا أخذ المسمار تساقطت الأوصال يا نفس لا تغتري بصحبة أحبائك وأخلائك ولا تحرصي على ذلك فإنها على ما فيها من السرور والبهجة كثيرة الأذى والمؤنات والأحزان ثم يختم ذلك بقطع الفراق كالمغرفة تستعمل في صحتها وجدتها في حرارة المرق وسخونته فإذا هي انكسرت صار عاقبة أمرها إلى النار يا نفس لا يحملنك ما تريدين من صلة أهلك وأقاربك والتماس رضاهم على جمع ما تهلكين فيه فإذا أنت كالدخنة الطيبة التي تحترق ويذهب بعرفها آخرون وكالذبالة تضيء لغيرها باحتراقها يا نفس لا تغتري بالغنى والمنزلة التي تبطر أهلها فإنها إلى انقلاب وإن صاحب ذلك لا يبصر صغر ما يستعظم حتى يفارقه فيكون كشعر الرأس الذي يكرمه صاحبه ويخدمه ما دام على رأسه فإذا فارق رأسه قذره وقز منه يا نفس دومي على مداواة المرضى ولا ؟يقاقك عن ذلك أن تقولي إن الطب مؤنة شديدة والناس بمنافعها ومنافع الطب	19
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Bu/23	20	data\A4095.xlsx	A4095	جهال ولكن اعتبري بمن يفرج <عن> رجل كربة تحل به ويستنقذه منها حتى يعود بعدها إلى ما كان يكون فيه من السعة والروح فإنه أهل لعظيم الأجر وحسن الجزاء فكيف بالمتطبب الذي يفعل ذلك بالعدة التي الله أعلم بها فيعودون بعد الأسقام الممضة والأوجاع الحائلة بينهم وبين لذات الدنيا من طعامها وشرابها وأزواجها وأولادها إلى أحسن ما كانوا يكونون عليه من حالاتهم فإن هذا خليق بجزيل الثواب وعظيم الرجاء يا نفس لا !يعتدي عليك أمر الآخرة الدائمة فتميلي إلى الدنيا الزائلة فتكون في استعجال القليل وبيع الكثير باليسير كالتاجر الذي زعموا أنه كان له ملو بيت ؟اتجوجا فقال إن أنا بعته موزونا طال علي فباعه مجازفة بأخس الثمن فلما خاصمت نفسي بهذا وأخذتها به وبصرتها إياه لم تجد له نقصا ولا عنه مذهبا ولا منصرفا فاعترفت وأقرت ولهت عما كانت تنزع إليه وترغب فيه وأقمت على مداواة المرضى ابتغاء أجر الآخرة فلم يمنعني ذلك من أن أصبت من الدنيا حظا جسيما ونصيبا عظيما من الملوك والأكفاء والإخوان قبل أن آتي الهند وبعد رجوعي منها وفوق الذي كان طمعي يحتج إليه وفوق ما كنت له أهلا ثم نظرت في الطب فوجدت الطبيب لا يستطيع أن يداوي المريض بدواء يذهب عنه داءه فلا يعود إليه أبدا ذلك الداء ولا غيره من الأدواء التي هي مثله أو أشد منه فلم أدر كيف أعد البرأ برءا والداء لا يؤمن عودته أو اعتداء ما هو أشد منه ووجدت عمل الآخرة هو الذي يسلم من الأذى حتى يبرأ صاحبها بداء يأمن معه من الأدواء كلها فاستخففت بالطب وأردت الدين فلما وقع	20
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Lo/70	67	data\A4095.xlsx	A4095	باب الفحص عن أمر دمنة قال ديشلم ملك الهند *لبيدبا الفيلسوف قد سمعت خبر الواشي المحتال الماهر بالخلابة كيف يفسد بتشبهه وتلبيسه الود الثابت بين المتحابين فأخبرني إلى ما آل إليه أمره وما كانت عاقبته قال بيدبا إنا وجدنا في الكتب أن الأسد لما قتل شتربه ومر	67
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/71	68	data\A4095.xlsx	A4095	لذلك أيام خرج النمر ذات يوم وكان يدعى المعجب الوشي وكان معلم الأسد وأمينه وموضع سره يطلب قبسا فاضطرته السماء منزل كليلة ودمنة فلما انتهى إلى الباب سمع كليلة يعاتب دمنة ويلومه على سوء رأيه وصنيعته وما ارتكب من شتربه في غير ذنب أتاه إليه وكان في بعض قوله إن الذي أتيت من النميمة والخلابة سيظهر للأسد ويطلع طلعه بعد اليوم ولست بناج منه إلا بأكثر مما يعاقب به أهل الذنوب ولست إنما أيضا فيما بعد اليوم متخذك خليلا ولا مفش إليك سرا ولا مقاربك في شيء كان العلماء قد قالوا تباعد ممن لا رغبة له في الصلاح وإنما عمله النميمة *والخلابة وكذلك حملت الملك على خليله البريء الرفيق العالم شتربه ولم تزل به حتى اتهمه فقتله فلما سمع النمر قول كليلة رجع فدخل على أم الأسد فحدثها الحديث الذي سمع كله فلما أصبحت انطلقت إلى ابنها فرأته حزينا كئيبا فلما عاينت ذلك منه عرفت أنه ليس إلا على شترية فقالت إن الأسف والهم لا يزيدان شيئا وهما ينحلان الجسم ويذهبان العقل ويضعفان القوة فأعلمني شأنك فإن كان مما ينبغي لك أن تحزن له وتحيل عنه فلست ولا أحدا من جندك يخلو من ذلك وإن كان إنما هو لقتل شتربه فقد استبان لنا ولك أنك ركبت ذلك منه ظلما على غير جرم ولا غش ولا حدث فلو كنت فكرت في أمره وقست ما لك في نفسه لما تجد في نفسك له لكان في ذلك معتبر فإنه يقال امرءا لا يود أحدا ولا يبغضه إلا وجد له في نفسه مثل ذلك فأعلمني هل ترى ضميرك يشهد أن الذي فعلت شترية كان على حقدا أو عداوة	68
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/72	69	data\A4095.xlsx	A4095	فإن كان كذلك فهو لك عدو وقد أظفرك الله به وأراحك منه فدع الحزن عليه والتأسف لفراقه فإن العداوة لا تستقال وإن كان قلبك لا يشهد بعداوته ولا يذكر منه حقدا ولا مخالفة لك فأنت حري بالحزن عليه فقال الأسد ما زلت لشتريه سليم الصدر واثقا به معجبا برأيه محبا له مسترسلا إليه وقد دخل علي لقتله هم شديد وما أنكرت من نفسي شيئا قبل قتله ولا بعده وإني لنادم على ما كان مني متلهف له موجع وما أشكل علي الرأي أنه بريء مما لطخ له غير متهم ولكن لتحميل الأشرار وبغيهم وزخرفتهم الكلام الكاذب ولكن أعلميني هل سمعت شيئا أو حدثك به أحدا فإنه إذا كان الرأي موافقا لإخبار الموثوق به كان أسد البصيرة أبلج الصدر وأحرى أن يقدم المرء يده على *غير الشبهة والشك فقالت أم الأسد حدثني الأمين الصدوق عندك أن دمنة لم يركب من شتربه الذي ركب من تحميله إياك عليه إلا لحسده إياه على منزلته منك ومكانه عندك فقال الأسد ومن خبرك بهذا فقالت أم الأسد قد استحفظنيه والمستكتم مؤتمن ومن أفشى سرا استودعه فقد خان أمانته ومن فعل ذلك كان بشر المنازل في المعاد فقال الأسد لعمري لقد صدقت ولكن ليس هذا مما ينبغي أن يكتم بل يحق على صاحبه أن يعلنه ويظهر شهادته عليه ويستكمل الأجر فيه ولا يبطل حقا عليه ولا سيما في دم المظلوم فإن الكاتم لجرم المجرم في وتغ مبتغ شركه إياه فيه وإن السلطان لا ينبغي له أن يعاقب على	69
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/73	70	data\A4095.xlsx	A4095	الظن والشبهة فإن الدم عظيم شأنه وأنا وإن كنت أوطئت عشو في شتربة أكره أن أركب من دمنة مثلها بغير بينة ولا يقين وقد رمى إليك من أخبرك بما ذكرت وقذفه في عنقك قالت أم الأسد صدقت ولكني كنت أظن أنك تستكفي بي فيما حدثتك أو تصدقني به فلا تتهمني عليه فقال الأسد ما أنت عندي بمردودة القول ولا أنت في نفسي بمتهمة ولا أنا في نصحك بمرتاب ولكن أحب أن تعلميني من هو ليكون أشفى لصدري قالت أم الأسد فإن كنت عندك كذلك فعاقب هذا الفاجر عقوبة مثله قال الأسد وما عليك أن تخبريني من ذكر ذلك لك فإنه لا مضرة فيه عليك فقالت أم الأسد ضرر هذا علي في خلال ثلثة *أما الأولى فانقطاع ما بيني وبين صاحب هذا السر من المودة لإباحتي بسره والثانية خيانتي ما استحفظت من الأمانة وأما الثالثة فوجل من كان يسترسل إلي قبل اليوم وقطعهم أسرارهم عني ومتى أفعل ذلك لا يثق بي أحد ولا يطمأن إلي فلما سمع الأسد ذلك منها وعرف أنها غير مخبرته باسم من أخبرها وأخبرته بجملة الأمر وقالت لست أجهل قول العلماء في تعظيم فضل العفو عن أهل الجرائم ولكن ذلك إنما هو فيما دون النفوس أو خيانة العامة التي يقع بها الشر ويحتج بها السفهاء عند ما يكون من أعمالهم السيئة واستغشاء الملك بالأمر الذي يفعل خطأ إن كان فيه إلى العامة وكان فيما يقال له لا ينبغي للولاة استبقاء الخونة الفجار أهل الغدر والنميمة والتحيل والإفساد بين الناس ومن يكره صلاحهم ولا يرحمونهم لما نزل بهم وأولى من نفى عن الرعية ما أفسدهم	70
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/74	71	data\A4095.xlsx	A4095	وساق إليهم ما أصلحهم القادة المتولون لأمورهم وأنت بقتل دمنة حقيق فإنه كان يقال إفساد جل الأشياء من قبل خلتين إذاعة السر وائتمان أهل الفجور وإن الذي أنشب العداوة بينك وبين شتربة أنصح الوزراء وخير الأعوان حتى قتلته غدرك دمنة بحيلته ?وخلابه ومكره وخيانته وقد اطلعت على مكنونه وبدا لك ما كان يخفي عليك وعلمته في نحو ما تذكر من حديثه إياك قبل اليوم فالراحة لك ولجندك إذا ظهر لك منه ما تكتم عقوبته لجريمته وإبقاء على جندك من شره فإنه ليس على مثلها بمأمون ولعلك أيها الملك أن تركن إلى ما آثرته من العفو عن أهل الجرائم فإن روأت في ذلك فاعلم أنه ليس منهم من يبلغ جرمه جرم دمنة فلما سمع الأسد ذلك نادى في جموعه فحضروا وأتي بدمنة ونكس الأسد مستحيا فيما ركب من قتل شتربة فلما رأى دمنة ذلك قال لبعض من يليه متجاهلا فأخفى الكلام لبعض من يقرب منه ما لي أرى الملك مكتئبا مهموما هل حدث أمرا جمعكم له فلما سمعت ذلك أم الأسد قالت مجيبة له الذي أكرب الملك بقاؤك حيا إلى اليوم مع عظيم حدثك وجرمك أيها الغادر الكذوب قال دمنة وما الذي جنيت مما يستحل به قتلي ويكرب الملك بقائي قالت أم الأسد أعظم الحدث حدثك وأشد الخيانة خيانتك واستجهالك الملك وقتلك البريء من وزرائه قال دمنة إن تصديق ما كان يذكر قد حضر فإنه كان يقال من اجتهد في طلب الخير أسرع إليه الشر ولا يكون الملك وجنوده المثل السوء وقد علمت أن ذلك إنما كان	71
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/75	72	data\A4095.xlsx	A4095	قيل في صحبة الأشرار إنه من صحبهم وهو يعمل عملهم لم ينج من شرهم ولذلك رفض أهل الدين والنسك الدنيا ولذتها واختاروا الوحدة وتركوا مخالطة الناس ومحادثتهم لما يرون فيها من مؤاخذة الأبرار بأعمال الفجار وإثابة الفجار بأعمال الأبرار وآثروا العمل لله على العمل لخلقه لأنه ليس أحدا يجزي بالخير خيرا إلا الله وأما من دونه فقد تجري أمورهم فنونا يغلب على أكثر ذلك الخطأ وما أحد أحق بالصفات الجميلة من الملك الموفق الذي لا يصانع أحدا لحاجة به إليه ولا لعاقبة يتخوفها منه فإن أحق ما عظمت فيه رغبة الملك من محاسن الصواب المكافأة لأهل البلاء الحسن عندهم ومن يرقى إليهم نصيحته وهذا أقرب من أمري وأشبه فيما حملني النصح للملك والإيثار له على غيره والنظر للعامة في إعلان سر الخائن الكفور وما كان ربض في نفسه وارتفعت إليه همته من الغدر بالملك والوثوب عليه وقد كان استبان للملك الذي كان منطو عليه ومضمرا له من العداوة والغل بالأمارات البينات الواضحات التي لا تحتاج معها إلى غيرها بالذي لقيه به حين لقيه واستبان له ولم يأت إليه شيئا إلا عن بصيرة وإن هو أيضا تحرى الأمر وسأل عنه ونظر فيه عرف مصداق ما كنت قلت له فإن النار التي تكون في الحجر والعود إنما تستخرج بالحيل وليس يخفى مثل <هذا> فإن جرم المرء إذا فحص عنه وفتش ازداد استنارة واستبانة كما أن كل نتن من حمأة وغيرها إذا ثورت ظهر ريحها وقذرها ولقد علم الملك ومن حضر أنه لم يكن بيني وبين الثور أمر أضطغنه عليه ولا أبغيه به غائلة وما كان يملك من ضر ولا نفع لي ولقد كان الملك فيما أعلمته من	72
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/76	73	data\A4095.xlsx	A4095	أمره حتى أبصر مصداقه أفضل رأيا وأشد عزما وإني لأعرف أنه يتخوف مثلها مني غير واحد من أهل الغش والعدوان والعداوة للملك فنصبوا لمصيبتي واجتمعوا على هلاكي فلما سمع الأسد قوله ارتاب به *فأخرجه وأمر بالفحص عنه ورفعه إلى القضاة لينظروا في أمره فسجد دمنة للملك وقال أيها الملك لست بحقيق بمعاجلة أحدنا بالعقوبة عن قول الأشرار دون الفحص والتثبت وإني لواثق عن فحصك ببراءتي وتصديق مقالتي وقد قالت العلماء إن من استخرج النار من الحجر وهو كامنة فيه كالقادر أن يستخرج بالفحص وطول البحث ما خفي عليه من الأمور ولو كنت مجرما سرني تركك التفتيش عني ولما كنت مرابطا بباب الملك ولو كنت مذنبا هربت في الأرض وكان لي فيها مذهبا ولكن لثقتي وبراءتي ونصيحتي لم أبرحه ولم أفارقه وأنا أرغب إليه إن كان في شك من ذلك أن يأمر بالنظر فيه ويكون من يوليه إياه ذا أمانة وإسلام لا يأخذه في الحق لومة لائم ولا يكون عنده محاباة لأحد ولا غمزة ويرفع إليه عذري وما يسمع من غيري فينظر فيه ولا يأخذه فيه أقاويل البغاة علي الحسدة لي فيها فإنه قد كانت لي منه منزلة أنافسها وأحسد عليها فإن هو لم يفعل ذلك في ويكن رأيه عليه فلا مؤمل لي ولا منجى إلا الله الذي يعلم سرائر العباد وخفي ضميرهم ولعلي أن لا أكون بذلك أضر منه وقد كان يقال إن الذي يعمل بالشبهة ولا يتئد عندها ولا يتثبت فيها يكون قد صدق ما ينبغي أن يشك فيه وكذب ما ينبغي أن يصدقه فيكون أمره كأمر المرأة التي بذلت نفسها لعبدها حتى فضحها قال الأسد وكيف كان ذلك قال دمنة	73
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/77	74	data\A4095.xlsx	A4095	كانت بأرض كشمير مدينة تسمى برود وكان فيها تاجرا يقال له كبيرغ وكانت له امرأة ذات حسن وجمال وكان له جار مصور وهو صديق لها فقالت له المرأة في بعض أحيانها التي كان يأتيها فيها إن استطعت أن تصنع شيئا يكون علامة بيني وبينك أطلع بها على مجيئك إذا جئتني بالليل من غير نداء ولا رمي ولا شيء يرتاب به رفق ذلك بك وبي قال المصور نعم ملاءة بلقاء بياضها كضوء القمر وسوادها كسواد الحدقة فإذا رأيتها فاخرجي فهي آية بيني وبينك فأعجبها ذلك وفرحت به وكان يأتيها في تلك الملاءة متى أراد وسمع عبد التاجر حديث الملاءة وكان لأمة المصور صديقا فطلب العبد إلى أمة المصور أن تعيره الملاءة التي له ليريها صديقا له ويسرع ردها وكان المصور غائبا في دار الملك فأعطته إياها ولم ترتب بشيء من شأنه فأخذها ومضى إلى سيدته ليلا فلم ترتب به لما رأتها عليه فظنته صديقها المصور فبذلت له نفسها وقضى حاجته ورجع العبد بها إلى الأمة فوضعها في موضعها ولما مضت هدأة من الليل رجع المصور إلى بيته فلبسها ثم أتى المرأة فلما رأته دنت منه وقالت له ما شأنك لقد أسرعت العودة بعد قضاء حاجتك فلما سمع كلامها عرف أنه قد دهي ومضى من وقته إلى وليدته فأوجعها ضربا فحدثته الحديث فأخذ الملاءة فخرقها وأحرقها وإنما ضربت لك هذا المثل لئلا تعجل لأمر فيه تشبيه وكذب فإن الكذب *معيب لصاحبه وأنت بالنظر في أمري جدير ولست أقول ما تسمع شفقا من الموت فإنه وإن كان كريها لا منجى منه ولا محيص عنه ولو كنت أعلم لي مائة نفس	74
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/78	75	data\A4095.xlsx	A4095	أعلم هواه في تلفها جدت بها له فقال بعض جلساء الملك لم تنطق بهذا لحب الملك ولا لكرامته عليك ولكن ذلك للدفع عن نفسك ولطلب الخلاص من الورطة التي قد لزمتك والتماس العذر مما وقعت فيه فأقبل عليه دمنة فقال إني إن كنت كما ذكرت فلست أجدني مخصوما ولا ملاما على دفع البلاء عن نفسي ما استطعت والتماس البراءة لها وجر العافية إليها ولا أجد أقرب إلى الإنسان من نفسه ولا أولى بنصحها وإظهار عذرها منه فأما أنت فلك الويل بما أظهرت من ضعف عهدك وودك لنفسك وسوء حالها عندك وإنك عدوها فمن دونها أولى وقد قالت العلماء إن المستهجن لنفسه المبغض لها بغيرها أشنأ وأقطع ولمن سواها أغش وأرفض وما أنزه الملك عن صحبتك بل أجدني منزها للبهائم عن أخلاقك مكرما لها عن خلطتك فلما سمع ذلك من دمنة لم يحر جوابا فقالت أم الأسد إن من العجب انطلاق لسانك بالقول مجيبا لمن تكلم وقد كان منك الذي كان فقال دمنة فعلام تنظرين بعين واحدة وتسمعين بأذن واحدة ولذلك شقي جدي مع أني أرى كل شيء تغير وتنكر فليس أحدا ينطق بحق ولا يتكلم إلا بالهوى ومن بباب الملك لثقتهم بلينه وطمأنينتهم إلى كرمه لا يتقون ذلك فيما وافق الحق أو خالفه لأنه لا يغير عليهم ولا ?يتدههم ولا يزجرهم فقالت أم الأسد انظروا إلى هذا الفاجر الذي يركب الأمر العظيم ثم هو يأخذ بأعين الناس ليبطله ويبرئ نفسه منه	75
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/79	76	data\A4095.xlsx	A4095	قال دمنة إن صاحب ما ذكرت من يدفع الشر ولا يدفنه والرجل الذي يلبس لباس المرأة والمرأة التي تلبس لباس الرجل والضيف الذي يزعم أنه رب البيت ومن ينطق في المجمع عند الملك بما لا يسأل عنه فقالت أم الأسد ما تعرف سوء عملك فتحذره وتبصر غرة قولك فتتقيها فقال دمنة إن الذي يركب المنكر لا يحب لأحد خيرا ولا يدفع عنه مكروها قالت أم الأسد أيها الفاجر إنك لتجترئ على مثل هذا القول عند الملك عجبا له كيف تركك حيا فقال دمنة إن صاحب ما وصفت الذي يؤتى بالنصيحة ويمكن من عدوه فإذا استمكن منه قتله ثم لا يشكر ذلك ولا يعرفه لمن فعله ويريد قتله بغير ذنب اجترمه فقالت أم الأسد أيها الكاذب أترجو أن تنجو من ذنبك العظيم فقال دمنة إن أهل ما ذكرت الذي يقول ما لم يكن وإني نطقت بالحق وجئت عليه بالتثبت والحجة فقالت أم الأسد ما الذي كنت قلت وما الذي صدقته به فقال دمنة الملك يعلم أني لو كنت كاذبا لم أقل هذه المقالة عنده وإني أرجو أن يستبين له صدقي وبراءتي وصحة ما قلت فلما رأت أم الأسد أن الأسد لا ينطق بشيء في أمر دمنة شككت في أمره وقالت لعله مكذوب عليه مما رمي به فإن المعتذر عند الملك بمحضر من الجند لا يرد عليه شيء من منطقه لشبيه بأن يكون محقا فيما تكلم به فأمر الأسد عند ذلك دمنة فقذفت في عنقه جامعة ثم حبس وأمر بالنظر في أمره فقالت أم الأسد لقد بلغني أن هذا الفاجر الكذاب شر ما يقال من أحد وتتابعت الألسن عليه وهو له محيل وليس يخفى	76
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/80	77	data\A4095.xlsx	A4095	أمره علي والذي ذكره لي الأمين الصدوق فليسترح منه ولا يناظره فقال الأسد اسكتي عني واهدئي فإني ناظر في أمره وفاحص عنه وغير عاجل عليه ولا أشتري ضر نفسي باتباع هوى غيري ممن لا أدري ما صدقه من كذبه من الذي وصفت فسميه لي فقالت أم الأسد هو خليلك ومؤدبك وأمينك النمر فقال الأسد بحسبك سترين ما أصنع به وآمر فيه فانصرفي فلما ذهبت هدأة من الليل بلغ كليلة أن دمنة قد حبس واستوثق منه فانطلق إليه يهمس همسا فلما رآه موثقا بكى بكاء شديدا وقال قد بلغ الأمر بأخي إلى ما لا أبالي ألا أغلظ لك معه في الكلام ولا أستقبلك بما تكره منه وإنه ليخطر ببالي ما كنت أشير به عليك ولقد كنت رأيت ذلك وأبلغت في الموعظة فلم تقبل مني ولم تأخذ به لإعجابك برأيك فويل لحلمك وفطنتك لقد ضلا عنك ونزعا منك وذهبا مع حياتك ضياعا فقال دمنة إنك لم تزل تتكلم بالحق وتأمر به ولكن لم أسمع منك لما كان في من الشره والشهوة ولما كتب علي من البلاء ولولا ذلك كان فيما وعظتني به ما مثله أنتهي إليه وأنتفع برأيك فيه قالت العلماء إن الذي لا يسمع من إخوانه ونصحائه يصير أمره إلى الندامة وقد حل ذلك بي ولكن ما عشيت أن أصنع فإن الحرص وطموح اليقين يغلبان رأي الحليم ونظر العالم كالمريض الذي قد عرف أن شهوته من الطعام مضرة به مشددة للوجع عليه فلا يدع تناولها والإصابة منها فيزداد مرضا ولعله	77
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/81	78	data\A4095.xlsx	A4095	يموت منه ولست أحزن اليوم على نفسي ولكن عليك لأني أخاف أن تؤخذ في بسبب الذي بيني وبينك من القرابة فتعذب فلا تجد من إطلاعهم على أمري بدا فأقتل بإظهارك سري وتصديقهم إياك علي فقال كليلة قد فكرت في ذلك وليس يعدل بالحياة شيء وقد يضطر الرجل إذا نزل به البلاء إلى أن يقرب نفسه بما لم يفعل ولم يعلم رجاء للحياة والتخفيف عنه وقد قالت العلماء إنه من أريدت مهجته لأمر يسأل عنه غير مقتصر على ما كان ولكنه قائل ما لم يكن إشفاقا عليها فالذي وجلت منه نفسك علي هو ما حاذرت وقد طال مقامي عندك وأنا منطلق خائفا أن يدخل أحدا فيراني عندك أو يسمع تحاورنا مستمع وأنا أشير عليك أن تعترف بجرمك وتبوح بذنبك فإنك ميت لا محالة وإنك إن تقتل في الدنيا بما كان منك خير لك من العذاب الدائم في الآخرة مع الأثمة الفجار قال دمنة قد صدقت فيما ذكرت ولكن العمل به شاق ولكني غير مخبر كلاما حتى يفرق في أمري ثم إن كليلة انطلق إلى منزله فوقع في هم وحزن مخافة أن يؤخذ بذنب دمنة فاستطلق بطنه فمات في ليلته وكان في السجن سبعا وكان نائما قريبا من كليلة ودمنة حيث اجتمعا في السجن فاستيقظ بكلامها فسمع جميع ما تحاورا فيه وتراجعاه بينهما فحفظ ذلك وكتمه ثم إن أم الأسد دخلت عليه من الغد فقالت اذكر الذي وعدتني البارحة في أمر هذا الفاجر وقولك لجندك إنه لينبغي للمرء أن يعمل بالتقوى ولا يتوانى في ذلك وإني لا أعرف أمرا أعظم أجرا من الاستراحة منه فإنه قد قالت	78
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/82	79	data\A4095.xlsx	A4095	العلماء إن المعين لذي الآثام على خيانته شريك له في أعماله فأمر الأسد النمر والقاضي أن يجلسا ويدعوا بدمنة على رؤوس الجند ثم يسألا عنه ويرفعا إليه الذي يذكرون لهما منه وجوابه إياهم فيه ولا يدعا من ذلك شيئا إلا أنهياه إليه فخرجا لذلك وجمعا الجند وبعثوا إلى دمنة فلما أتي به توسط محفلهم فانتصب النمر قائما وجهر بصوته وقال قد علمتم معشر الجند ما دخل على الملك من التألم بقتل شتربة والتوجع له ولم يزل مهموما حزينا وملاما أن يكون دمنة شبه عليه في أمره وأرهقه فيه مينا وباطلا وأحب أن يستيقن ذلك وقد نصب للنظر في أمرهما فأنتم أحق ألا تكتموه سرا ولا تدخروا عنه نصحا ولا تخفوا عليه حرفا وليقل كل امرئ منكم ما يعلم فإنه لا يحب أن يفرط بعقوبة أحد لهوى منه أو لغيره في ذلك من غير استيجاب منه للعقوبة فقال القاضي انظروا ما يتكلم به الأمين فاتبعوه وقد سمعتم الذي قيل لكم فلا يكتمن أحدا منكم شيئا علمه لثلاث خلال أما واحدة فالصدق فيما استشهدتم به ولا تجعلوا العظيم في الأمر في الحق صغيرا ولا ينبغي لكم أن تكرهوا وقوع القضاء على ما وافقكم أو خالفكم ولا تصغروا منه شيئا وأي عظيم أعظم من ستر عورة من أفرط الأخيار واستزلهم بوشيه وكيده فالكاتم عليه غير بريء من مضرة حيلته ولا يعتد من أن يكون شريكا له في عمله فإن يسير الحق عظيم وأفظع منه عند الله أن يقتل بريء على غير ذنب لنميمة فاجر كذاب والثانية أن عقوبة المذنب بذنبه مقمعة لأهل الريبة ومصلحة الملك وللرعية	79
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/83	80	data\A4095.xlsx	A4095	والثالثة أن الأشرار إذا قتلوا ونفوا من الأرض كان في ذلك راحة للملك والرعية وصلاح لهم فليقل كل امرئ منكم ما يعلم كيما يكون القضاء في ذلك على الحق لا على الهوى والبطر فرمق بعضهم بعضا وأطرقوا مليا لا يجيبون كلاما لأنهم لم يعلموا من أمره علما واضحا يتكلمون به وكرهوا القول بالظنون تخوفا أن يفصل قولهم حكما ويوجب قتلا فقال دمنة ما يسكتكم ليقل كل امرئ منكم ما يعلم واعلموا أن لكل قربة ثوابا إما عاجلا وإما آجلا ولا بد أن تقولوا في أمري بعلمكم وليعلم كل متكلم منكم أن منطقه في قولي حكم في إحياء نفس أو موتها واعلموا أن من قال ما لم ير وادعى علم ما لم يعلم أصابه ما أصاب الطبيب الجاهل المتكلف فقال له القاضي وكيف كان ذلك قال دمنة زعموا أنه كان في مدينة من مدائن السند طبيب عالم رفيق فمات فنظروا في كتبه فكانوا ينتفعون بها ويتعلمون منها فأتاهم رجل زعم أنه طبيب وأن له رفقا ولم يكن كذلك وكانت لملكهم ابنة كريمة عليه وكانت حاملا فأصابها بطن فجعلت تمس الأعراض فبعث الملك في طلب الأطباء فأتت رسله رجلا منهم كان له علم على رأس فرسخ فوجدوه قد عمي فوصفوا له وجع ابنة الملك فأمرهم أن يسقوها دواء يقال له زامهران فرجعوا إلى الملك فأخبروه بذلك فأمر أن يطلب طبيب ليهيئ ذلك الدواء فأتاه الرجل الجاهل فأخبره أنه عالم عارف بالأدوية وأخلاطها فدعا الملك بالأسفاط الذي فيها أدوية الطبيب فوضعت بين يديه فأخذ من أحدها صرة فيها سم فجعل منها ومن غيرها زامهران	80
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/84	81	data\A4095.xlsx	A4095	فلما رأى الملك سرعة فراغه من ذلك ظن أنه عالم فأمر له بحلى وكسوة حسنة وسقى الجارية منه فلم تلبث أن تقطع أمعاؤها فماتت وأمر أبوها فسقي الجاهل من الذي صنع لها من الأدوية فهلك وإنما ضربت هذا المثل في جماعتكم كيلا تتكلموا بما لم تعلموا تلتمسون به رضى غيركم فيصيبكم ما أصاب ذلك الطبيب الجاهل فإن العلماء قد قالوا إنما جزاء كل أحد بقوله وفعله وأنا بريء مما لطخت به قائم بين أيديكم فتكلم سيد الخنازير إدلالا بمنزلته من الأسد وأمه فقال اسمعوا معشر الجند وتفكروا فيما أقول لكم فإن العلماء لم يدعوا شيئا من آيات الأسرار والأخبار إلا قد ثبتوه وإن علامات الفجور في هذا الشقي ظاهرة وقد طار له مع ذلك ثنا سوء فقال عظيم الجند لرأس الخنازير قد سمعنا ذلك وقليل من يعرفه فأعلمنا ما الذي رأيت في هذا البائس فقام رأس الخنازير وأخذ بيد دمنة وقال إن في كتب العلماء أن من كانت عينه اليسرى صغيرة كثيرة الاختلاج وأنفه مائلا إلى شقه الأيمن وما بين حاجبيه من الشعر متباعدا ومنابت شعره ثلث شعرات ثلثا وإذا مشى نكس ولا يزال ملتفتا إلى خلفه فإنه صاحب نميمة وفجور وغدر وهذه العلامات كلها بينة في هذا الشقي فقال دمنة نحن كلنا تحت السماء ولسنا فوقها وأنتم ذوو الأحلام وتقيسون بالعلم الكلام وقد فهمتهم ما قال فاستمعوا مني فإنه يظن أنه لا أحدا أعرف بالأمور منه وأنه لا علم إلا علمه وإن كان ما ذكر من العلامات حقا فلا أسمع أن أحدا يقدر على أن يعمل خيرا ولا	81
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/85	82	data\A4095.xlsx	A4095	شرا إلا بها وإنما تجازون بذلك وتعاقبون عليه وليس لامرئ من رأيه شيء فليس مجتهد وإن حرص على الخير بنافعه ولا مسيء وإن أذنبه بضائره وقد شقيت أنا بالعلامات التي في جسدي وذلك أمر ليس إلي إن كانت وأعوذ بالله أن تكون ولو كان إلى الناس من ذلك شيء جعلوا فيه أفضل ما يقدرون من الآيات والشامات ولم يكن مني غير العادة ولم أركب غير الحق وقد استبان لمن حضرك قلة عقلك وعلمك بالأمور وبصرك بها وقد قال رجل مرة لامرأته احفظي نفسك ثم اطعني على غيرك ودعي الناس وأصلحي عيوبك التي أنت بها أعرف وذلك مثلك فقال سيد الخنازير لدمنة وكيف كان ذلك قال دمنة زعموا أنه كانت مدينة تدعى برزجر قد أغار عليها العدو فقتلوا الرجال وسبوا النساء والذرية فأصاب رجل من أولئك في الغنيمة رجلا حراثا وامرأتين له فكان يسيء إليهم في المطعم والمشرب ويجيعهم ويعريهم فانطلق وامرأتاه ذات يوم يحتطبون فوجدت إحداهما خرقة بالية في الصحراء فغطت بها عورتها فقالت الأخرى لزوجها ألا تنظر إلى هذه الزانية تمشي عريانة فقال لها زوجها ويحك ألا تنظرين أنت إلى نفسك فإن جسمك كله عاري وتعيبين الذي قد غطت عورتها وأنت أيضا أيها المتكلم أمرك عجب حين تدنوا من طعام سيدك وتقوم بين يديه مع ما بجسمك من القذر والفتوح والنتن واللؤم وما فيه ثم أنت تجترئ أن تقوم بين يدي الملك وتلي طعامه وقد علم عيوبك غيري من الجند ولم يكن ينبغي لي التكلم بها إلا أنه لم يكن يضر أحدا إكرامه إياك وكان لك أخا وقد كنت أحفظك له فإما	82
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/86	83	data\A4095.xlsx	A4095	باديتني بالعداوة ونطقت بالبهتان علي من غير علم فإنه لا ينبغي أن يكون صاحب السلطان دباغا ولا حجاما دع ما أن يكون بالمنزلة التي أنت بها منه فقال رأس الخنازير ألي تقول ما أسمع فقال نعم حقا لك أقول فإنك قد جمعت أنك آدر مبسور تحك ذلك النهار كله أفدع متسائل الخلق خبيثه فلما سمع ذلك رأس الخنازير وما رماه به خنقته العبرة فبكى لجرأته عليه وإغلاظه له قال له دمنة إنه لينبغي أن تبكي وتكثر دموعك فإن الملك لو قد اطلع على أمرك وعلم الذي أنت عليه أقصاك وأبعدك فلما سمع ذلك أمين الأسد الذي أمره بحفظ ما يقولون وكان اسمه سبهرج رفعه إليه فعزل رأس الخنازير عن عمله وأمر بإخراجه وإقصائه عنه وكتب النمر والقاضي ما قال دمنة وما قيل له وختما عليه وبعثا به إلى السجن ثم إن صديقا لكليلة يقال له فيروز انطلق إلى دمنة فأخبره بموت كليلة فبكى بكاء شديدا وقال ما أصنع اليوم بالحياة وقد هلك أخي وصفي لقد صدق القائل إن الإنسان إذا ابتلي أتاه الشر من كل جانب واكتنفه من الهم والحزن مثل الذي بي وقد رأيت مع ما دخل علي بمؤدبي ومتعهدي بما فيه رشدي وقد أبقى الله لي منك أخا ليس بدونه بل أرجو أن تكون أفضل منه عطفا علي ونظرا لي وأن تهتم في أمري بما بعثني به أخو الحفاظ فإن رأيت أن تنطلق إلى منزل كليلة فتأتيني بما كان لي وله فيه فأفعل فلما جاء به أعطاه نصيب كليلة كله وقال أنت أحق به من غيرك وطلب إليه أن يحضره عند الأسد بخير وأن يعلمه ما تذكر أم الأسد منه عنده فوعده	83
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/87	84	data\A4095.xlsx	A4095	[فوعده] ذلك وقبل ما أعطاه ثم إن فيروز غدا إلى الأسد فوافق النمر عنده والقاضي قد أتياه بالكتب فوضعاها بين يديه فنظر فيها وأمر كاتبه بنسخها ودفعها إلى النمر وقال له وللقاضي انطلقا بدمنة فقفاه للجند ثم ارفعا إلي ما يكون منه وعذره في ذلك فلما أخرجوا من عند الأسد أتته أمه فقرأ عليها تلك الكتب فقالت أم الأسد لا تجدن علي إن أنا أغلظت لك في القول فإني لا أراك تعرف ما يضرك مما ينفعك وليس هذا مما كنت أنهاك عنه من استماع قول هذا الفاجر المحتال فإنك إن استبقيته أفسد عليك جندك وفرق ملأهم وانصرفت من عنده وهي غضبى عليه ثم إن روزبه أتى دمنة فأخبره بذلك فبينما هو في حديثه إذ أتاه رسول القاضي فانطلق به إليه فقال عظيم الجند قد علمت أمرك وتيقنته وأتاني به من هو عندي أمين وليس ينبغي لي أن أسأل عن شيئا منه ولا أنظر فيه سوى ما قد فحصت فإن العلماء قالت إن الله جعل لكل شيء من أمر الآخرة علما ومصداقا فإما في الدنيا فقد دلت عليه أنبياؤه ورسله ولولا ما أمرنا به الملك لرأفته ورحمته بالرعية لكان القضاء بينا عليك فقال دمنة إن منطقك ليس بذي وجه ولا رأفة ولا نظر في أمر مظلوم ولا طلب للحق والعدل ولكني أراك راكبا لهواك تريد قتلي ولم تستضئ لك شيء من أمري وما قذفت به ولم أبلغ ثلثة أيام بعد ولست بملوم بذلك عندي لأن الفاجر لا يحب الصلاح وأهله ولا من يعمل أعمال التقى فقال القاضي إن حقا على الوالي أن يجازي المرء بصلاحه ويعرفه له لأنه أهل لكل خير أتي إليه وأن ينكل المجرم عن إساءته ويعذبه عليها ويعاقبه عليها ليزداد أهل الخير في الصلاح رغبة وأهل الجرائم عن الإساءة	84
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/88	85	data\A4095.xlsx	A4095	نزوعا ولعمري لأن تعاقب في الدنيا خير لك من أن تعذب في الآخرة غدا فقر بذنبك وبوءه بإساءتك واعترف بصنيعك فإنه أفضل لك في عواقب الأمور إن أنت هديت إلى ذلك ووفقت له فقال دمنة أيها القاضي الصالح نطقت بالعدل وقلت مقالة الحكماء ولعمري إن من سعادة المرء أن لا يبيع آخرته بدنيا فانية منقطعة ولا يشتري روحا يسيرا بعذاب طويل ولكني مما قرفت به بريء فكيف آمر بقتل نفسي وأعين عليها وأنا مظلوم بل أنطق بكذب لم أتفوه به ولم يعرف مني فشديد علي أن أقر بما لم أعمل وأن أبوء بما لم أجن فأكون معينا على نفسي وشريكا لمن أراد قتلي فإنك تعرف عقاب من فعل ذلك في الآخرة وأنا بريء العرض بارز العذر فإن أردتم قتل مظلوما فكفى بالله لي ناصرا ولعل ذلك إن فعلتموه ألا يكون شر أموري لي عاجلا وآجلا فأنا أقول اليوم مثل مقالتي أمس اذكروا حساب الآخرة وعقابها ولا تأسفوا غدا إذا دخلتم اليوم في أمر تندمون عليه حين لا تنفع الندامة فإن القضاة لا تقضي بظنونها وأنا أعلم بنفسي منكم وإياكم أن يصيبكم ما أصاب القائل بما لا يعلم وما لم يحط به خبرا فقال عظيم الجنود والقاضي وكيف كان ذلك فقال دمنة زعموا أنه كان مرزبان في مدينة فاروات وكانت له امرأة حسناء عاقلة وكان للمرزبان عبد بازيار وقد هويها وعرض لها مرارا كل ذلك لا تلتفت إليه فأضمر في نفسه فضيحتها فخرج ذات يوم إلى الصيد فصاد فرخي ببغاء فهيأ لهما وكرا وجعل يعلم أحدهما أن يقول رأيت البواب مضاجعا مولاتي وعلم الآخر أما أنا فلست بقائل شيئا فحفظ الفرخان ذلك بلسان	85
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Di/89	86	data\A4095.xlsx	A4095	البلخية ولم يكن أهل تلك البلاد يعرفونها فلما كان ذات يوم ومولاه يشرب إذ أتاه بهما فصاحا بتلك الكلمتين بين يديه فأعجب المرزبان ترجيعهما وجالوا بأصواتهما من غير أن يكون فقه شيئا مما قالاه وأمر امرأته بالاحتفاظ بهما والإحسان إليهما وألطف الغلام وأحسن إليه ومكثا عنده زمانا ثم إنه قدم عليه أناس من عظماء أهل بلخ فصنع لهم طعاما وشرابا فلما أصابوا من ذلك دعا بالفرخين ليعجبهم منهما فصوتا فلما سمعوا صياحهما نظر بعضهم إلى بعض ونكسوا رءوسهم حياء منه ثم قالوا له هل تعلم ما يقولان فقال لا غير أن ذلك لي معجب فقال بعضهم له لا تجد علينا إن حدثناك به فإن أحدهما يزعم بلسان البلخية أن البواب يفجر بامرأتك وأما الآخر فيقول أما أنا فلست بقائل شيئا وإن من شأننا أن لا نصيب في بيت امرئ امرأته فاجرة طعاما فنادى البازيار من خارج أنا أشهد على مقالتهما أنها حقا وأني قد رأيت ذلك غير مرة فأمر المرزبان بقتل امرأته فأرسلت إليه أن افحص عما ذكر لك فسيبدو لك من الفاجر الكذاب ومن هؤلاء العظماء فليسألوهما ولينظروا هل يعلمان أو يحسنان من لسان البلخية غير هاتين الكلمتين فتعلموا أن ذلك من تعليم البازيار لأنه أرادني على نفسي فامتنعت منه ففعل ذلك فكلموهما فإذا هما لا يحسنان غيرهما فعرفوا أن ذلك من تعليم البازيار فأرسل إليه فأتاه وعلى يده باز فقالت له المرأة ويلك أنت رأيتني على ما قذفتني به قال نعم فوثب البازي عليه فنزع عينيه بمخالبه فقالت المرأة لقد عجل الله لك النكال بكذبك	86
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Rd/90	87	data\A4095.xlsx	A4095	علي فإنك زعمت أنك عاينت ما لم ترى وشهدت علي بزور وباطل وإنما ضربت لكم هذا المثل لتعلموا أن من عمل بمثل ما عمل به البازيار من الافتراء والبهتان كان جزاؤه العقوبة في العاجل والآجل ثم إن القاضي كتب ما قيل لدمنة وما رد عليهم وأرسل به إلى السجن وانطلق عظيم الجند إلى الملك وتفرق سائرهم وحبس دمنة بعد ذلك سبع ليال يتكلم بعذره فلم يقدروا أن يقرروه بشيء من ذنبه ولا يخصموه فيه ثم إن أم الأسد قالت له لئن أنت خليت سبيل دمنة بعد الذي ارتكب من الذنب العظيم ليجترئن عليك جندك ولا يتخوف منهم أحدا في فظيع يرتكبه عقوبتك ولينتشرن أمرك بما لا تطيق لم شعبه ولا ؟ستعب صدعه ولا رتق فتقه وأحضرت النمر فشهد على دمنة بما سمع منه ومراجعته كليلة إياه فلما كررت أم الأسد ذلك عليه وكلمته فيه وقع في نفسه أن دمنة حمله على زيغ وواطأه عشوة أمر به فقتل شر قتلة ثم قال الفيلسوف للملك فلينظر أهل التفكر في الأمور في هذا وأشباهه وليعلموا أنه من يلتمس منفعة نفسه بهلاك غيره ظالما له بخديعة أو مكر أو خلابة فإنه غير ناج من وبال ذلك عليه وعاقبته ومغبته وإنه مكافأ به ومجزي بما عمل عاجلا وآجلا وصائر إلى البوار على كل حال	87
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Rd/109	106	data\A4095.xlsx	A4095	إليه واجتمعت الغراب والظبي والجرد والسلحفاة إلى عرائشهن آمنات ثم قال الفيلسوف للملك فإذا بلغت حيلة أضعف الدواب والطير وأهونها في معاونة بعضهم بعضا ومواساتهن وجمعهن فيما بينهن وصبرهن على ما خلص به بعضهم بعضا من أعظم البلاء وأهوله وأفظعه فكيف بالناس لو فعلوا مثل ذلك وترافدوا فيه إذا كان يصل إليهم من منفعة ذلك ومرفقه في حدا الخير وأحراىه ودفع السوء ما لا خطر له ولا عدل (باب البوم والغربان) قال الملك للفيلسوف قد فهمت ما ذكرت من أمر الإخاء ومنفعته وعظيم الفائدة فيه فاضرب لي مثل المغتر بالعدو المبدي التضرع وأخبرني عن العدو هل يصير صديقا وهل يوثق بشيء منه وكيف العداوة وما ضرها وكيف ينبغي للملك إذا أتاه أمر من عدوه ومن أهل المنابذة أمر أيلتمس به الصلح وهو في نفسه غير أمين ولا حقيق بالطمأنينة قال الفيلسوف ليس أحد بحقيق إذا أتاه أمر من عدوه الذي *يتخوفه على نفسه وجنده وإن كان يلتمس الأمان والصلح ويظهر المودة لجنده والسلامة لأصحابه الذي لا يوثق به ولا يطمأن إليه ولا يغتر بقوله فإنه قد يكون بأشباه ذلك فمن يطلب النهزة والفرصة ومثل العدو الذي لا ينبغي أن يغتر به وإن هو أظهر المودة والصفاء ومن يسترسل إلى عدوه ويطمئن إليه فيصيبه ما أصاب البوم من الغربان قال الملك وكيف	106
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/110	107	data\A4095.xlsx	A4095	كان ذلك قال الفيلسوف زعموا أن أرضا تسمى كذا وكذا وكان حولها جبل عظيم محيط بها وكان فيه شجرة عظيمة كثيرة الغصون شديدة الالتفاف يقال لها يبرود وكان فيها وكر ألف غراب ولهن ملك منهم [فخرج] [ملك] [البوم] وكان في ذلك الجبل وكر ألف من البوم فخرج ملك البوم ذات ليلة لعداوة بين البوم والغربان ووقعن البوم على الغربان فأكثرن فيهن القتل والجراح ولم يعلم ملك الغربان بذلك حتى أصبح فلما كان الغد ورأى ما لقي جنده اهتم وحزن وقال يا معشر الغربان قد ترون ما لقينا من البوم وما أصابنا منهن وأشد مما أصابكن جرأتهن عليكن وتعرفهن بمكانكن وأنا متخوف من كرتهن بمثلها وأشد منها عليكن وكان في الغربان خمسة ذو رفق وعلم ونظر في الأمور ومعرفة بحسن الرأي والحيل وكان الملك يشاورهم وينتهي إلى رأيهم فقال *للأول من الخمسة قد كان ما رأيت ولسنا نأمن من رجعتهم فقال الحيلة في الذي كانت العلماء تقول فإنهم كانوا يقولون ليس للعدو الحنق الذي لا يطاق إلا الهرب منه التباعد عنه ثم سأل الملك الثاني فقال ما رأيك أنت قال أما ما أشار به هذا عليك فلا أراه حزما ولا ينبغي لنا أن نفر من بلادنا ونذل لعدونا <عند> أول نكبة ولكن نجمع أمرنا ونستعد لعدونا ونذكي العيون ما بيننا وبينهم ونحترس من الغرة والعودة فإذا أقبل علينا عدونا لقيناه حتى نصيب منه غرة ولعلنا نظفر بهم ثم قال الملك للثالث ما ترى فيما قال صاحباك قال لم يقولا شيئا ولعمري	107
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/111	108	data\A4095.xlsx	A4095	ما مدافعة الأيام والليالي بمستقر لنا فيما بيننا وبين البوم وما الرأي إلا أن نذكي العيون والطلائع فيما بيننا وبين العدو وننظر هل يقبلن صلحا أو فدية أو خراجا نؤديه إليهن وندفع عن أنفسنا خوفهن ونأمن في أوطاننا وأوكارنا فإن من الرأي للملوك إذا اشتدت شوكة عدوهم وخافوا على أنفسهم ورعيتهم الهلكة والفساد أن يجعلوا الأموال جنة للرعية والبلاد فقال الملك للرابع ما رأيك أنت فيما قال صاحباك والصلح الذي ذكر هذا قال لا أرى ذلك بل ترك أوطاننا والاصطبار على الغربة وشدة المعيشة أحب إلينا من وضع أحسابنا والخضوع لعدونا الذي نحن خير منه وأشرف مع أني قد عرفت أنا لو عرضنا ذلك عليهن لم يقبلوا إلا بالاشتطاط وقد يقال قارب عدوك بعض المقاربة تنل منه حاجتك ولا تقاربه كل المقاربة فيجترئ عليك بها ويضعف ويذل لها جندك ومثل ذلك مثل الخشبة القائمة في الشمس فإن أملتها قليلا زاد ظلها وإن جاوزت الحد في إمالتها ذهب الظل وليس عدونا براض منا بالدون في المقاربة فالرأي لنا المحاربة والصبر فقال الملك للخامس ما رأيك أنت الصلح أم القتال أم المحاربة أم الجلاء قال أما القتال فلا سبيل إلى قتال من لا نقاربه في القوة والبطش فإنه من أقدم على عدوه استضعافا له اغتر ومن اغتر أمكن من نفسه ولم يسلم وأنا للبوم شديد الهيبة ولو أنها أضربت عن قتالنا وقد كنا نهابها قبل إيقاعها بنا فإن العاقل لا يأمن عدوه على كل حال فكيف إن كان بعيدا لم يأمن	108
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/112	109	data\A4095.xlsx	A4095	من معاودته وإن كان متكشفا لم نأمن استطراده وإن كان قريبا لم نأمن مواثبته وإن كان وحيدا لم نأمن مكره وأكيس الأقوام من لم يكن يلتمس الأمر بالقتال ما وجد إلى غير القتال سبيلا فإن النفقة في القتال من الأنفس وغير ذلك إنما النفقة فيه من الأموال ولا يكونن قتال البوم من شأنكم فإن من يراكل الفيل يراكل الحيف قال الملك فما ترى إذ كرهت ذلك قال نأتمر ونتشاور فإن الملك المشاور المؤامر يصيب في مؤامرته ذوي العقول من نصحائه من الظفر ما لا يصيبه بالجنود والزحف وكثرة العدد فالملك الحازم يزداد بالأمر أمره وبالمشاورة ورأي الوزراء الحزمة كما يزداد البحر بمواده من الأنهار ولا يخفى على الحازم قدر أمره وأمر عدوه وفرصة قتاله ومواضع رأيه ومكابرته ولا ينفك أن يعرض الأمور على نفسه في التقديم على ما يريد منها والأعوان الذي يستعين بهم عليها والعدو التي يعمل لها فمن لا يكون له رأي في ذلك ولا نصيحة من الوزراء الذين يقبل منهم لم يلبث وإن ساق القدر إليه حظا أن يضيع أمره فإن القضاء المقسوم لم يقبض المحتال ولا للحسب ولكنه وكل بالعقل المستمع من ذوي العقول وأنت أيها الملك كذلك وقد استشرتني في أمر أريد أن أجيبك في بعضه علانية وفي بعضه سرا أما ما لا أكره <أن> أعلنه فإني كما لا أرى القتال لا أرى الخضوع بالخراج والرضى بذل الدهر فإن العاقل الكريم يختار الموت كريما محافظا على الحياة خوفانا ذليلا وأرى أن نؤخر النظر في أمرنا ولا يكونن من شأنك التثبط	109
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/113	110	data\A4095.xlsx	A4095	والتهاون فإن التهاون رأس العجز وأما ما أريد إسراره فليكن سرا فإنه قد كان يقال إنما يصيب الملوك الظفر بالحزم وإجالة الرأي بتحصين الأسرار وإنما يطلع على السر من قبل خمسة من قبل صاحب الرأي ومن قبل مشاورته ومن قبل الرسل والبرد ومن قبل المستمعين الكلام ومن قبل الناظرين في أثر الرأي ومواقع العمل بالتشبيه والتظني ومن حصن سره فإنه من تحصينه إياه في أحد أمرين إما ظفر بما تريد وإما سلم من عيبه وضره إن أخطأه ذلك ولا بد لمن نزلت به نائبة من استشارة الناصح وطلب من معاونته على الرأي ويفضي إليه فإن المستشير وإن كان أفضل من المستشار رأيا فإنه يزداد بالمشورة رأيا وعقلا كما تزداد النار بالودك ضوءا وعلى المستشار موافقة المستشير على صواب ما يرى والرفق به في تبصيره ورده عن خطأ رأيه إن كان منه وتقليب الرأي فيما شكا إليه حتى يستقيم لهما سرهما فإن لم يكن المستشار كذلك فهو على المستشير مع عدوه كالرجل الذي يرقى الشيطان ليرسله على الإنسان فإذا لم يحكم الرقية كان به يتلبس وإياه يأخذ وإذا كان الملك محصنا لأسراره متخيرا للوزراء مهيبا في أنفس العامة بعيدا من أن يعلم ما في نفسه لا يضيع عنده حسن بلاء ولا يسلم منه ذو جرم مقدرا لما يفيد ولما ينفق كان خليقا أن لا يسلب صالح ما أعطي والأسرار منازل فمن السر ما يدخل فيه الرهط ومنها ما يدخل فيه الرجلان ومنها ما يستعان فيه بالقوم ولا أرى لهذا السر في قدر منزلته أن يشرك فيه إلا	110
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/114	111	data\A4095.xlsx	A4095	أربعة آذان ولسانان فنهض الملك فخلا معه واستشاره فكان مما سأله عنه أن قال هل تعلم ما كان سبب عداوة ما بيننا وبين البوم قال نعم كلمة تكلم بها غراب مرة قال الملك وكيف كان ذلك قال الغراب زعموا أن جماعة من الطير لم يكن لها ملكا وأنها اجتمعت آراؤها على بوم لتملكه عليها فينما هم في ذلك إذ وقع لهم غراب فقال بعضهم انتظرن حتى يأتينا هذا الغراب لتستشيره في أمرنا فأتاهن الغراب فاستشرنه فيما قد أجمعن عليه من تمليك البوم فقال الغراب لو أن الطير كلها فقدت وبادت وفقد الطاووس والبط والحمام والكركي لما اضطررتن إلى تمليك البوم أقبح الطير منظرا وأسوئها مخبرا وأقلها عقولا وأشدها غضبا وأبعدها رحمة مع الذي بها من الزمانة والعشى بالنهار ومن شر أمورها سوء تدبيرها ولا تطيق طائر يقرب منه لصلفه وخبث نيته وسوء خلقه وإن الملك وإن كان جاهلا إذا كان يقدر على الدنو منه وكانت قرائبه ووزراءه ورسله صالحين بعد أمره ورأيه واستقام له ملكه كما فعلت الأرنب التي زعمت أن القمر ملكها وعملت برأيها قال الطير وكيف كان ذلك قال الغراب زعموا أن أرضا من أراض الفيلة تتابعت عليها السنون وأجدبت فقل الماء في تلك البلاد وغارت العيون وأصاب الفيلة عطش شديد فشكوا ذلك إلى ملكها فأرسل الملك رسله ورواده في التماس الماء في كل ناحية فرجع إليه بعض رسله فأخبره بأنه وجد في بعض الأمكنة	111
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/115	112	data\A4095.xlsx	A4095	عينا تدعى القمرية كثيرة الماء فتوجه ملك الفيلة بفيلته إلى تلك العين ليشربن منها وكانت تلك الأرض أرض أرانب فوطئت الفيلة الأرانب بأرجلها في أجحرتها فأهلكن أكثرها فاجتمع البقية منها إلى ملكها فقلن له قد علمت ما أصابنا من الفيلة فاحتل لنا قبل رجوعهن علينا فإنهن راجعات لورودهن ومفنياتنا عن آخرنا فقال ملكهن ليحضرني كل ذي رأي برأيه فتقدم خرز منه يقال له فيروز وقد كان الملك عرفه بالأدب والرأي فقال إن رأى الملك أن يبعثنني إلى الفيلة ويبعث معي أمينا يرى ويسمع ما أقول وما أصنع ويخبره به فليفعل فقال له ملك الأرانب أنت أميني وأنا أرضى رأيك وأصدق قولك فانطلق إلى الفيلة وبغ عني ما أحببت واعمل برأيك واعلم أن الرسول به وبرأيه وأدبه يعتبر عقل المرسل وكثير من شأنه وعليك باللين والمواتاة فإن الرسول هو يلين القلب إذا رفق ويخشن الصدر إذا خرق فانطلق الأرنب في ليلة القمر فيها طالع حتى انتهى إلى موضع الفيلة فكره أن يدنو منهن فيطأنه بأرجلهن وإن لم يردن ذلك فأشرف على تل فنادى ملك الفيلة باسمه وقال له أن القمر أرسلني إليك والرسول مبلغ غير ملوم وإن أغلظ القول فقال له ملك الفيلة وما الرسالة قال يقول لك القمر أنه من عرف فضل قوته على الضعفاء فاغتر بذلك من الأقوياء كانت قوته حينا ووبالا عليه وأراك قد عرفت فضل قوتك على الدواب فغرك ذلك من مني فعمدت إلى عيني التي تسمى باسمي فشربت ماءها وكدرته أنت وأصحابك وأني	112
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/116	113	data\A4095.xlsx	A4095	أتقدم إليك وأنذرك أن لا تأتيها فأغشي بصرك وأتلف نفسك وإن كنت في شك من رسالتي فهلم إلى العين من ساعتك فإني موافيك بها فعجب ملك الفيلة من قول فيروز وانطلق معه إلى العبن فلما نظر إليها رأى ضوء القمر في الماء فقال له فيروز خذ بخرطومك من الماء واغسل وجهك واسجد للقمر ففعل ولما أدخل خرطومه إلى الماء فحركه خيل إليه أن الماء يرتعد فقال ملك الفيلة وما شأن القمر يرتعد أتراه غضب من إدخال جحفلتي في الماء قال نعم فاسجد له فسجد الفيل للقمر وتاب إليه مما صنع وشرط له أن لا يعود هو لا أحد من فيلته إلى العين قال الغراب ومع ما ذكرت لكم من أمر البوم فإن من شأنها الخب والخديعة وشر الملوك المخادع ومن ابتلي بسلطان المخادعين أصابه ما أصاب الصفرد والأرنب الذين حكما السنور الصوام القوام قالت الطير وكيف كان ذلك قال الغراب كان لي جار من الصفارد وجحره قريب من الشجرة التي فيها وكري وكان يكثر مواصلتنا وطال جوار بعضنا البعض ثم أني فقدته فلم أدر أين غاب وطالت غيبته عني حتى ظننت أنه قد هلك فجاءت أرنب إلى مكانه لتسكنه فكرهت أن أخاصمها في مكان الصفرد ولا أدري ما فعل به الدهر فلبثت الأرنب في ذلك المكان زمانا ثم أن الصفرد رجع إلى مكانه فلما وجد في الأرنب قال لها هذا المكان مكاني فانتقلي عنه قالت الأرنب المسكن في يدي وأنت المدعي فإن كان لك حق فاستعدي علي قال الصفرد	113
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/117	114	data\A4095.xlsx	A4095	المكان مكاني ولي على ذلك البينة قال الأرنب نحتاج إلى القاضي قبل البينة قال الصفرد ها هنا قريب منا القاضي فانطلقي بنا إليه فقالت الأرنب ومن القاضي قال الصفرد سنور متعبد يصوم النهار ويقوم الليل ولا يؤذي ولا يأكل إلا الحشيش فاذهبي بنا إليه فانطلقا وتبعتهم لأنظر إلى الصوام وقضائه بينهما فأتوا إليه هائبين له فلما رآهما قد أقبلا من بعيد انتصب قائما يصلي فتعجبت الأرنب مما رأت منه ولما صارا إليه دنيا منه هائبين له فطلبا إليه أن يقضي بينهما فأمرهما أن يقصا قصتهما عليه وقال لهما لقد أدركني الكبر وثقل سمعي فما أكاد أسمع فادنوا مني لأسمع منكما فدنوا منه وأعادا عليه قصتهما فقال قد فهمت ما قصصتما وأني بادئكما بالنصيحة قبل القضاء آمركما أن لا تطلبا إلا الحق فإن طالب الحق هو الذي يفلح وإن قضي عليه وطالب الباطل مخصوم وإن قضي له وليس لصاحب الدنيا في دنياه شيء لا مال ولا صديق إلا عمل صالح قدمه فقط والعاقل حقيق أن يكون سعيه مما يبقى ويعود عليه نفعه ويمقت ما سوى ذلك ومنزلة المال عند العاقل منزلة القذى ومنزلة النساء منزلة الأفاعي ومنزلة الناس عنده فيما يحب لهم من الخير ويكره لهم من الشر منزلة نفسه فلم يزل يقص عليهما ويدنوان منه ويستأنسان به حتى وثب عليهما جميعا فقتلهما ثم قال الغراب والبوم تجمع مع سائر العيوب التي وصفت المكر والخديعة فلا يكونن تمليك البوم من رأيكن فصدرت الطير عن خطبة الغراب ولم تملك البوم فقال	114
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/118	115	data\A4095.xlsx	A4095	البوم الذي كان أختير للملك لقد وترتني أعظم الترة فما أدري هل سلف إليك مني سوء استحققت به هذا منك وإلا فاعلم أن الفؤوس يقطع بها الشجر فتنبت وتعود والسيف يقطع به اللحم والعظم فيندمل ويلتحم ويلتئم واللسان لا يندمل جرحه ولا يلتئم ما قطع والنصل من النشابة يغيب في الجوف ثم ينزع وأشباه النصال من القول إذا أوصلت إلى القلب لم تنتزع ولم تخرج ولكل حريق مطفأ فمطفأ النار الماء والسم الدواء والعشق الوصال والحزن الصبر ونار الحقد لا تخبو وأنكم معشر الغربان قد غرستم بيننا وبينكم شجرة عداوة وحقد هي باقية ما بقي الدهر ثم انصرف غضبانا موتورا وندم الغراب على ما فرط منه وقال في نفسه لقد خرقت فيما كان من قولي الذي جلبت له العداوة على نفسي وقومي ولم أكن أحق الطير بهذه المقالة ولا أعناها بأمر ملكها ولعل كثيرا منها قد رأي الذي رأيت وعلم الذي علمت فمنعها من ذلك الاتقاء لما لم أتوقاه والنظر فيما لم أنظر فيه ثم لا سيما إذا كان الكلام مواجهة فإن الكلام الذي يستقبل به قائله والسامع مما يكره فيما يورث الحقد والضغينة ولا ينبغي له أن يسمى كلاما ولكن يسمى سما فإن العاقل وإن كان واثقا بقوته وقوله وفضله وشدة بطشته لا يحمله ذلك على كما أن الرجل وإن كان عنده الترياق والأدوية لا أن يجني على نفسه عداوة اتكالا على ما عنده من ذلك	115
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/119	116	data\A4095.xlsx	A4095	ينغي له أن يشرب السم اتكالا على ما عنده منذ لك وإنما الفضل لأهل حسن العمل لا لأهل حسن القول فإن صاحب حسن العمل وإن قصر به القول في بديهته بين فضله عند الخبرة وعاقبة الأمر وصاحب القول وإن هو أحسن وأعجب ببديهته وحسن صفته لم يحمد ذلك منه إلا بتحقيقه العمل وغب أمره فأنا صاحب القول الذي لا عاقبة له أوليس من سفههي اجترائي على التكلم في الأمر الجسيم لا أستشير فيه أحدا ولا أروي فيها مرارا وأنا أعلم أن من لم يعمل رأيه بتكرار النظر ولم يستشر النصحاء الألباء في أمره لم يشتري بواقع أنه ولم يحمد غب أمره فما كان أغناني عما اكتسبت في يومي هذا وما وقعت فيه من الغم فعاتب الغراب نفسه دهرا ثم انطلق فهذا ما سألت عنه من العلة التي بدأت بها العداوة بين البوم والغربان قال الملك قد فهمت ذلك فخذ بنا فيما نحن أحوج إليه اليوم وأشر علينا برأيك الذي ترى أن نعمل به فيما بيننا وبين البوم قال الغراب أما القتال فقد كنت عرفت من رأيي فيه وكراهيتي له وأنا أرجو أن أقدر من الحيل على بعض ما فيه الفرج فإنه رب قوم احتالوا برأيهم في الأمر الجسيم حتى ظفروا به بحاجتهم التي لم يكونوا قدروا عليها بالمكابرة كالمكرة الذين مكروا بالناسك حتى ذهبوا بعريضه قال الغراب زعموا أن ناسكا اشترى عريضا ضخما ليجعله قربانا فانطلق به يقوده فبصر به قوم مكرة فائتمروا ليخدعوه عنه فعرض له أحهم فقال أيها الناسك ما هذا الكلب معك ثم عرض له آخر فقال لا أظن أن هذا الرجل	116
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/120	117	data\A4095.xlsx	A4095	الذي عليه لباس النساك بناسك فإن الناسك لا يقود الكلاب ثم عرض له آخر فقال له أأنت تريد الصيد بهذا الكلب فلما قالوا له ذلك لم يشك أن الذي معه كلب فقال في نفسه لعل الذي باعني سحرني وخدعني فخلى عنه فأخذوه النفر فذبحوه واقتسموه وأنا ضربت لك هذا المثل لما أرجو أن نصيب من حاجتنا بالمكر والرفق فأنا أرى أن يغضب الملك علي فيأمر بي على رؤوس جنده فأضرب وأنقر حتى أتخضب بالدم وينتف ريشي وذنبي ثم أطرح في أصل الشجرة ثم يرحل الملك وجنده إلى مكان كذا وكذا حتى أمرك مكري ثم أأتي الملك فأعلمه الأمر ففعل به الملك ذلك وذهب بغربانه إلى المكان الذي وصفه له ثم أن البوم جاءت من ليلتها فلم تجد الغربان ولم تفطن بالغراب في أصل الشجرة فأشفق الغراب أن ينصرفن ولا يرينه فيكون تعذيبه نفسه باطلا فجعل يئن ويهمس حتى سمعه بعض البوم فلما رأينه أخبرن به ملكهن فعمد نحوه في بومات يسأله عن الغربان قال الغراب أنا فلان بن فلان وأما ما سألتني عنه من أمر الغربان فأنت ترى حالي وما صنعوا بي قال ملك البوم هذا وزير ملك الغربان وصاحب رأيه فسلوه أي ذنب صنع به هذا قال الغراب سفه رأي من فعل هذا بي ما ترى قال الملك وما ذلك السفه قال الغراب أنه لما كان من إيقاعكن بنا ما كان استشارنا ملكنا فقال يا أيها الغربان أما ترون ما نزل بنا من البوم وكنت من الملك بمنزلة ومكان فقلن أرى أنه لا طاقة لكم بقتال البوم فإنهن أشد بطشا وأجرأ	117
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/122	119	data\A4095.xlsx	A4095	أن الرجل ربما عطفه على عدوه الأمر اليسير كالتاجر الذي عطف عليه السارق امرأته فأمر له *** يتعمده قال الملك وكيف كان ذلك قال الوزير زعموا أن تاجرا مكثرا وكان كبير السن وكانت امرأته شابة ذات جمال وكان لها عاشقا وكانت له قالية مبغضة لا تمكنه من نفسها ولا يزيده ذلك إلا حبا لها ثم إن سارقا أتى بيت التاجر ليلة فلما دخل البيت وافق التاجر نائما وامرأته مستيقظة فذعرت من السارق ووثبت إلى التاجر فالتزمته فاستيقظ التاجر وقال من أين هذه النعمة فلما بصر بالسارق قال أيها السارق أنت في حل مما أردت أخذه من مالي ومتاعي ولك علي الفضل بما عطفت علي هذه المرأة من معانقتي ثم إن الملك سأل الثالث من وزرائه عن رأيه في الغراب فقال الثالث أرى أن تستبقيه وتحسن إليه فإنه خليق بمناصحتك وإن من إحكام تمكن الرجل من أعدائه أن يستدخل منهم أعوانا على الباقين وإن ذا العقل يرى ظفرا حسنا معاداة بعض عدوه بعضا وأن اشتغال بعض العدو ببعض واختلافهم نجاة له كنجاة الناسك عند اختلاف اللص والشيطان قال الملك وكيف كان ذلك قال الوزير زعموا أن ناسكا مرة أصاب بقرة حلوبا فانطلق بها يقودها وتبعه لص فحدث نفسه بأخذها وتبع اللص شيطان في صورة إنسان فقال اللص للشيطان من أنت قال أنا شيطان أريد أن أتبع هذا الناسك فإذا نام خنقته فأنت ماذا قال وأنا أريد أن أتبعه إلى منزله لعلي أسرق البقرة	119
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/123	120	data\A4095.xlsx	A4095	فانطلقا مصطحبين حتى انتهيا إلى منزل الناسك ممسيين فدخل الناسك وأدخل بقرته ثم تعشى ونام فأشفق اللص أن يبدأ الشيطان بالناسك قبل أن يسرق البقرة فيصيح فيجتمع الناس بصوته فلا يقدر على سرقة البقرة فقال له انتظر حتى أخرج البقرة ثم عليك بالرجل فأشفق الشيطان أن يبدأ اللص بالبقرة فيتنبه الناسك فلا يقدر على أخذه فقال له بل أنظرني حتى أخنقه ثم عليك بالبقرة فأبى كل واحد منهما على صاحبه فلم يزالا في اختلاف حتى *نادى اللص أيها الناسك أن انتبه فهذا الشيطان يريد أن يخنقك وناداه الشيطان أيها الناسك إن هذا اللص يريد أن يسرق بقرتك فانتبه الناسك وجيرانه لصوتهما وهرب الخبيثان فلما فرغ الثالث من كلامه قال الأول الذي أشار بقتل الغراب أراكن قد غركن هذا [هذا] الغراب وخدعكن كلامه وتضرعه فأنتم تريدون تضييع الرأي والتغرير بجسيم الأمور فمهلا مهلا عن هذا الرأي وانظرن نظر ذي اللب الذين يعرفون أمورهم وأمور عدوهم ولا يثنيكن عن رأيكن فتكونوا كالعجزة الذين يغترون بما يسمعون وتلين قلوبهم لعدوهم عند أدنى ملق وتضرع ويكونون بما يسمعون أشد تصديقا منكم بما تعملون كالنجار الذي كذب ما رأى وصدق بما سمع فاغتر وانخدع قال الملك وكيف كان ذلك قال الوزير زعموا أن نجارا كانت له امرأة يحبها وكانت قد علقت رجلا فاطلع على ذلك بعض أهل النجار فأخبره فأحب أن يتيقن ذلك	120
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/124	121	data\A4095.xlsx	A4095	[ذلك] فقال لامرأته إني أريد الذهاب إلى قرية هي منا على فراسخ لأعمل هنالك عملا لبعض الأشراف وإني غائب عنك أياما فأعدي لي زادا ففرحت المرأة بذلك وأعدت له زادا فلما أمسى قال لها استوثقي في باب الدار واحفظي بيتك حتى أرجع إليك فخرج وهي تنظر إليه [إليه] حتى جاوز الباب ثم دخل من مكان خفي من منزل جار له واحتال حتى دخل تحت سريره وأرسلت المرأة إلى خليلها أن ائتنا فإن الرجل النجار قد خرج في حاجة له يغيب فيها أياما فأتاها الرجل فهيأت له طعاما فأكلا وسقته ثم تضاجعا على السرير وأتيا في شأنهما ليلا طويلا ثم إن النجار غلبه النعاس فنام فخرجت رجله من تحت السرير فرأتها امرأته فأيقنت بالشر *فساررت خليلها أن ارفع صوتك فسلني أيما أحب إليك أنا أو زوجك وإذا امتنعت فألح علي فسألها عما قالت فردت عليه يا خليلي ما يضطرك إلى هذه المسألة وما حاجتك إليها فألح عليها كما أوصته فقالت له ألست تعلم أنا معشر النساء إنما نريد الأخلاء لقضاء الشهوة ولسنا نلتفت إلى أحسابهم ولا إلى شيئا من أمورهم فإذا قضينا من أحدهم هوما كان كغيره من الناس فأما الزوج فإنه بمنزلة الأب والأخ والولد وأفضل من منزلتهم فلحا الله امرأة لا يكون زوجها عندها كعدل نفسها أو أحب إليها منها فلما سمع النجار هذه المقالة وثق من زوجته بالمودة وبقي موضعه إلى الغد فلما علم أن الخليل قد خرج قام فوجد امرأته متناومة فقعد عند رأسها وجعل يذب عنها فلما تحركت قال لها زوجها يا حبيبة نفسي نامي فإنك بت الليلة ساهرة ولولا كراهة ما ساءك لقد كان	121
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/125	122	data\A4095.xlsx	A4095	بيني وبين ذلك الرجل صخب شديد وإنما ضربت لكم هذا المثل لئلا تكونوا كذلك النجار المكذب بما عمل وتغافل فلا تصدقوا هذا الغراب في مقالته واعلموا أن كثير من العدو لا يستطيع ضرر عدوه بالمباعدة حتى يلتمسه بالمقاربة والمسامحة وإني لم أخف الغربان حتى رأيت هذا الغراب وسمعت مقالتكم فيه فلم يلتفت ملك البوم وسائر وزرائه إلى كلامه ثم إن ملك البوم أمر بحمل الغراب إلى مكانهم فيتوصى به خيرا ويكرم ويحسن إليه فقال الوزير المشير بقتله إذا لم يقتل الملك هذا الغراب فليكن منزلته منكم منزلة العدو المخوف المحترس منه فإن الغراب ذو أدب ومكر ومكيدة وما أراه يرضى بالمقام معنا ولا جاء إلينا إلا لما يصلحه ويفسدنا فلم يرفع الملك بقوله رأسا ولم يزده إلا كرامة للغراب وإحسانا إليه وكان الغراب يكلمه إذا دخل عليه ويكلم من يخلو به من البوم كلاما يزدادون به ثقة في كل يوم وإليه استرسالا وله تصديقا ثم إنه قال ذات يوم لجماعة من البوم وفيهم البوم الذي أشار بقتله ليبلغن بعضكن الملك عني أن الغربان قد وترتني وترة عظيمة بما فضحتني وعذبتني وإني لا يستريح قلبي منهن أبدا حتى أدرك منهن ثأري وإني قد نظرت في ذلك فلم أجدني أستطيعه وأنا غراب وقد بلغني عن بعض أهل العلم أنهم قالوا من طابت نفسه عن نفسه فأحرقها بالنار فقد قرب قربانا إلى الله عظيم وإنه لا يدعو عند ذلك بدعاء إلا استجيب له فإن رأى الملك أن يأمر بي فأحرق ثم أدعو	122
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/126	123	data\A4095.xlsx	A4095	ربي فيحولني بوما لعلي أنتقم من عدوي وأشفي غليلي إذا تحولت في صورة البوم قال له البوم الذي كان يشير بقتله ما أشبهك في حسن ما تبدي وسوء ما تخفي إلا بالخمر الطيبة الريح الحسنة اللون المنتقع فيها السم المميت أرأيت لو أحرقناك بالنار وكان جوهرك وطباعك تحترقن معك فإن الشر يدور حيث ما دارت ثم تعود إلى أصلك وطباعك كالفأرة التي وجدت من الأزواج الشمس والسحاب والريح والجبال فتركت ذلك كله وتزوجت جرذا قال الغراب وكيف كان ذلك قال البوم زعموا أن ناسكا كان مستجاب الدعوة فبينما هو ذات يوم قاعد على شاطئ نهر إذ مرت به حدأة في رجليها درصة فوقعت منها عند الناسك فأدركته لها رحمة فأخذها ولفها في ردنه وأراد أن يذهب بها إلى منزله ثم خاف أن يشق على امرأته تربيتها فدعا ربه أن يحولها جارية فتحولت جارية وأعطيت حسنا وجمالا فانطلق بها الناسك إلى منزله وقال لامرأته هذه ابنتي فاصنعي بها صنيعك بولدك ورباها أحسن التربية ولم يعلمها قصتها وما كان منها فلما بلغت اثنتي عشرة سنة قال لها يا بنية إنك قد أدركت ولا بد لك من زوج يقوم بأمرك ويكفلك ولنفرغ من الشغل بك فاختاري من أحببت من الناس كلهم أزوجك منه قالت الجارية أريد زوجا قويا شديدا منيعا فقال الناسك ما أعرف أحدا كذلك إلا الشمس فانطلق الناسك إلى الشمس فقال له أن عندي جارية جميلة وهي بمنزلة الولد لي وأنا أسألك أن تتزوجها فقال الشمس أنا أدلك على	123
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/127	124	data\A4095.xlsx	A4095	بي وتدبر فانصرف الناسك إلى الريح فسألها تزويج الجارية من هو أقوى مي وأشد قال الناسك ومن هو قال السحاب الذي الجارية فقال أنا أدلك على من هو أقوى مني وأشد الريح التي تقبل فقالت له الريح أنا أدلك على من هو أقوى مني الجبل الذي لا أستطيع أن أحركه فانطلق الناسك إلى الجبل فقال له مثل مقالته للريح فقال له الجبل أنا أدلك على من هو أقوى مني الجرذ الذي ينقبني فلا أستطيع له حيلة ولا أمتنع منه فقال الناسك للجرذ هل أنت متزوج هذه الجارية فقال الجرذ كيف أتزوجها وجحري ضيق فقال الناسك للجارية هل لك أن أدعو ربي أن يصيرك فأرة وأزوجك بالجرذ فرضيت بذلك فدعا ربه أن يحولها فأرة فتحولت فأرة وتزوجها الجرذ فهذا مثلك أيها المخادع في العودة إلى أصلك فلم يلتفت ملك البوم ولا غيره منهن إلى هذا المثل ورفق بهن الغراب ولم يزددن له إلا كرامة على ما أراد الاطلاع عليه ثم أنه راغ روغة إلى الغربان فقال لملكهم أبشرك بفراغي مما أردت الفراغ منه من أمر البوم وإنما بقي ما قبلك وقبل أصحابك فإن أنتم صرمتم وتابعتم في أمركم فهو هلاك البوم فقال الغربان وملكهم نحن عند أمرك فقال أن البوم بمكان كذا وكذا وهن بالنهار يجتمعن في مغار في الجبل وقد علمت مكانا كثير الحطب فتعالوا نعمد إليه وليحمل كل غراب حتى استقل ونبت ريشه ونمى وصلح وعلم ما أراد أن يعلم واطلع يسترني ويذهب بضوئي فأتى الناسك السحاب فسأله تزويج	124
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/128	125	data\A4095.xlsx	A4095	منا ما استطاع إلى ذلك النقب وفوق ذلك الجبل راعي غنم وأنا مصيب منه نارا فألقيه في الحطب وتعاونوا أنتم ضربا بأجنحتكم أي نفخا وترويحا للنار حتى تضطرم وتتأجج فما خرج من البوم احترق بالنار وما بقي مات خنقا بالدخان ففعلوا ذلك فهلك جميع البوم ورجع الغربان إلى أوطانهن آمنين ثم أن ملك الغربان قال لذلك الغراب كيف صبرت على صحبة البوم ولا صبر للأخيار على صحبة الأشرار قال الغراب إن ذلك كذلك ولكن الرجل العاقل إذا نابه الأمر الفظيع الذي يخاف في الهلكة الجانحة على نفسه وقومه لم يجد في احتمال الضيق ولم يجزع من شدة الصبر لما يرجو لذلك من روح العاقبة ولم يجد لذلك مساءة ولم يكرم نفسه عن الخضوع لمن هو دونه حتى يبلغ حاجته وهو حامد لغب أمره ومغتبط بما كان من رأيه واصطباره على ما كان فيه قال الملك فأخبرني عن عقول البوم قال الغراب لم أجد فيهن عاقلا إلا الذي كان يشير بقتلي وكن أضعف شيء رأيا لم ينظرن في أمري ولم يذكرن أني كنت ذا منزلة من الملك وأن أعد من ذوي الرأي فلم يتخوفن من مكري وحيلتي وأخبرهن الحازم الناصح فرددن نصحه فلا هن عقلن ولا من ذوي الرأي قبلن ولا حذرنني ولا حصن سرهن دوني وكان يقال ينبغي للملك أن يحصن دون المتهم سره وأمره فلا يدنوا من موضع أسراره وأموره وكتبه ولا من سلاحه ولا من طعامه وشرابه حتى من الماء والفرش الذي يجلس عليها والحلة التي يلبسها والدابة التي يركبها والأدوية التي يشربها وإكليل الريحان	125
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/129	126	data\A4095.xlsx	A4095	الذي يضعه على رأسه والطيب الذي يستعمله والشعار الذي يتخذه وكل شيء يدنيه منه ولا يأمن على نفسه إلا الثقة عنده قال ملك الغربان لم يهلك ملك البوم إلا بغيه وضعف رأي وزرائه قال الغراب صدقت قل ما ظفر أحدا ببغي وقل من حرص على النساء فلم يفتضح وقل من أكثر من الطعام فلم يسقم وقل من ابتلي بوزراء السوء إلا وقع في المهالك وكان يقال لا يطمعن ذو الكبر والصلف في الثناء الحسن ولا يطمعن الخب في كثرة الصديق ولا السيء الأدب في الشرف ولا الشحيح في البر ولا بقاء ملكه قال الملك لقد احتملت مشقة شديدة البوم وتضرعك الحريص في قلة الذنوب ولا الملك المتهاون الضعيف الوزراء في لهن قال الغراب أنه من احتمل مشقة ترجى فيها منفعة صبر على ذلك كما صبر الأسود على حمل الضفدع قال الملك وكيف كان ذلك قال الغراب زعموا أن أسودا كبر وهرم ولم يستطع الصيد فدب متحاملا حتى انتهى إلى غدير كثير الضفادع كان يأتيه فيتصيدن ضفادعه فوقع قريبا من العين شبيها بالكئيب الحزين فقال له أحد الضفادع ما شأنك حزينا قال وما لي لا أكون حزينا وإنما كان من خير عيشي ما كنت أصيد من هذه الضفادع فابتليت ببلاء حرمت علي الضفادع حتى لو أصبت بعضها لم اجترئ على أكله فانطلق الضفدع إلى ملكها فأخبره بما سمع من الأسود فأتى الملك إلى الأسود وسأله عن ذلك فأخبره به فسره ما سمعه منه فقال له ملك الضفادع ولم ذلك وكيف	126
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/130	127	data\A4095.xlsx	A4095	كان أمرك هذا قال أني لا أستطيع أن آخذ من الضفادع شيئا إلا ما يتصدق به الملك علي قال ولم ذلك قال لإني سعيت في إثر ضفدع من أيام لآخذه فاضطررته إلى بيت ناسك فدخل البيت ودخلت في إثره وفي البيت ابن الناسك فأصبت إصبع الغلام وظننته الضفدع فلدغته فمات فخرجت هاربا فتبعني الناسك ودعا علي ولعنني وقال كما قتلت هذا الغلام ظلما له أدعو عليك أن تذل وتخزى وتكون مركبا لملك الضفادع وتحرم أكلها إلا ما يتصدق به عليك ملكها فأتيت إليك لتركبني مقرا بذلك راضيا به فرغب ملك الضفادع في ركوب الأسود وظن أن ذلك شرفا له ورفعة فركب الأسود أياما ثم قال الأسود قد علمت أني محروم ملعون ولا أقدر على الصيد إلا ما تصدقت به علي من الضفادع فاجعل لي رزقا أعيش به فقال ملك الضفادع لعمري ما لك بد من رزق تعيش به ويقيمك فأمر له بضفدعين كل يوم يؤخذان فيدفعان إليه فعاش بذلك ولم يضره خضوعه للعدو الذليل وصار ذلك معيشة ورزقا وكذلك كان صبري على ما صبرت عليه التماس هذا النفع العظيم الذي حصل لنا به بوار عدونا منه والراحة منه قال الملك وجدت صرعة المكر أشد استئصالا للعدو من صرعة المكابرة فإن النار لا تزيد بحرها وحدتها إذا اصابت الشجرة على أن تحرق ما فوق الأرض منها والماء بلينه وبرده يستأصل ما تحت الأرض وكان يقال في أربعة أشياء لا يستقل منها القليل النار والمرض والعداوة	127
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/131	128	data\A4095.xlsx	A4095	والدين قال الغراب كل ما كان من ذلك فبرأي الملك وسعادة جده فإنه كان يقال إذا طلب اثنان أمرا ظفر به أفضلهما مروءة فإن استويا في المروءة فأفضلهما أعوانا فإن استويا في ذلك فأسعدهما جدا وقد كان يقال من غالب الملك الحازم الأديب المصنوع له الذي لا تبطره السراء ولا يدهشه الخوف فإن حينه يجدر به ثم لا سيما إذا كان مثلك أيها الملك العالم الأمور وفرص الأعمال ومواضع الشدة واللين والغضب والرضا والعجلة والأناة والناظر في يومه وغده وعواقب أعماله قال الملك بل برأيك وعقلك كان هذا فإن الرجل الواحد أبلغ في إهلاك العدو الكثير العدد من دون البأس وإن من أعجب أمرك عندي طول لبثك عند البوم وأنت تسمع الغيظ وتراه لا تسقط عندهم كلمة قال الغراب لم أزل متمسكا بأدبك أيها الملك أصحب البعيد والقريب بالرفق واللين والمتابعة والمواتاة قال الملك وجدتك صاحب عمل ووجدت غيرك من الوزراء أصحاب أقاويل ليست لهم عاقبة ولقد من الله بك علينا منة عظيمة لم نكن نجد قبلها لذة الطعام والنوم فإنه كان يقال لا يجد السقيم لذة النوم حتى يبرأ ولا الرجل الشره الذي أطمعه السلطان في مال أو ولاية حتى ينجز له ذلك ولا الرجل الذي قد ألح عليه عدوه وهو يخافه صباحا ومساء حتى يستريح منه وكان يقال من أقلعت عنه الحمى استراح بدنه وقلبه ومن وضع عنه الحمل الثقيل استراح منكبه ومن أمن عدوه ثلج صدره قال الغراب أسأل الله أيها الملك الذي أهلك عدوك أن يمتعك	128
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Oc/132	129	data\A4095.xlsx	A4095	بسلطانك وأن يجعل في ذلك صلاح رعيتك ويشركهم في قرة العين بملكك فإن الملك إذا لم يكون في مملكته قرة عيون رعيته فمثله مثل ذات الضرع الضخم إذا وضعت ولدها لم يكن فيه ما يكفيه قال الملك كيف كانت سيرة ملك البوم في جنده قال سيرة بطر وأشر وفخر وخيلاء وعجز وضعف رأي وكل أصحابه ووزرائه كانوا أشبهن به إلا الذي كان يشير بقتلي قال الملك وما رأيت منه مما استدللت على عقله قال لخلتين أحدهما رأيه كان في قتلي والأخرى أنه لم يكن يكتم صاحبه نصيحته وإن استقلها ولم يكن كلامه كلام خرق ولا مكابرة ولكن كلام رفق ولين حت ربما أخبره بعيبه وهو لا يغضبه إنما يضرب له الأمثال ويحدثه عن عيب غيره فيعرف عيبه ولا يجد للغضب عليه سبيلا وكان مما سمعته يقول للملك أن قال لا ينبغي للملك أن يغفل عن أمره فإنه أمر جسيم لا يظفر بمثله إلا قليل ولا يقال إلا بالحزم وهو خفيف الاستقرار كالقرد الذي لا يستقر ساعة واحدة وهو في الإقبال والإدبار كالريح وفي الثقل كصحبة البغيض ومما باب القرد والغيلم قال الملك للفيلسوف قد سمعت هذا المثل فاضرب لي مثل الرجل الذي يطلب حاجته حتى إذا ظفر بها أضاعها كان من معاجلة عطبه كلسعة الحية وفي سرعة الذهاب كحبة الماء من قطر المطر	129
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/142	139	data\A4095.xlsx	A4095	بعصا كانت معه فقتله ودخل منزله فرأى الغلام حيا والأسود مقتولا فأقبل يدق صدره ويلكم وجهه وينتف لحيته وجعل يقول ليت هذا الغلام لم يولد ولم أصر إلى هذا الإثم والغدر فدخلت عليه المرأة وهو يبكي فقالت به ما يبكيك وما شأن هذا الأسود وابن عرس مقتولان فأخبرها بالأمر وقال هذا جزاء من يعمل بالعجلة ولا يتثبت باب ابلاد بلاد وشادرم ملك الهند قال الملك للفيلسوف قد فهمت ما ذكرت في أمر العجل غير *المتئد ولا الناظر في العواقب فأخبرني ما الذي إذا عمل به الملك كرم على رعيته وثبت ملكه وحفظ أرضه الحلم أم المروءة أم الجود أم الجرأة قال الفيلسوف إن أفضل ما حفظ به الملك [الملك] ملكه وثبت به سلطانه وكرم به نفسه هو الحلم والعقل لأنهما رأس الأمور ومالكها مع مشاورة اللبيب الرفيق العالم وأفضل ما يتمتع به الناس الحلم ثم للملك خاصة فإن لا شيء أفضل ولا أعرف منه ومن صلاح المرء في نفسه ومعيشته المرأة الصالحة الفاضلة الرأي المواتية فإن الرجل وإن كان شجاعا لم يكن حليما عاقلا ويشاور غير لبيب فإنه ينهضه الأمر اليسير حتى يرى فيه القبيح والضعف لجهالته وخطأ رأي أصحابه ونصحائه وإن أصابوا ظفرا أو لقوا رشدا أساقه القدر إليهم صارت عاقبة أمورهم إلى الندامة وإذا كان على خلاف ذلك من الفضل ومن نبل الوزير ثم أعانه القضاء أصابه الفلح على	139
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/143	140	data\A4095.xlsx	A4095	من خاصمه والغلبة لمن ناوأه والسرور له كما زعم لنا فيما كان بين شادرم ملك الهند وإيراخت امرأته وإيلاذ صاحب سره ورأيه قال الملك وكيف كان ذلك قال الفيلسوف ذكر لنا أن إيلاذ كان ناسكا مجتهدا حسن الخلق لينا حليما حكيما كاملا فبينما شادرم الملك نائما في بعض الليالي إذ رأى ثمانية أحلام يستيقظ عند كل منها فلما أصبح دعا بالبرهميين وهم النساك فقص عليهم ما رأى وأمرهم أن يعبروها فقالوا له قد رأيت أيها الملك أمرا منكرا عجيبا لم نسمع بمثله فيما مضى فإن أحببت أن نفكر فيها ستة أيام ثم نأتيك في اليوم السابع فنخبرك به فلعلنا إن استطعنا أن ندفع ما نتخوف منه فقال الملك نعم اعملوا برأيكم ما تعلمون أنه موافق فخرجوا من عنده ثم اجتمعوا فقالوا ما طال العهد منه مذ قتل منا اثني ألفا وقد استمكنا منه فإذ أفضى إلينا بسره فرقه من رؤياه فلعلنا ننتقم منه إن نحن أغلطنا له في القول فيحمله الخوف على أن يتابعنا على ما نريد فنأمره أن يدفع إلينا من يكرم عليه من أهله ووزرائه ونقول له إنا قد نظرنا في كتبنا فلم نجد شيئا يصرف عنك سوء ما رأيت إلا قتل من نسمي لك فإن قال من تريدون قلنا له ايرخت امرأتك وابنها جوبر وابن أختك وإيلاذ صاحب أمرك فإنه ذو حيلة وعلم وكال كاتبك ولسانك والفيل الأبيض الذي تقاتل عليه والفيلين العظيمين والفرس الذي تركبه والبختي الذي تسير عليه وكنانابزون الفقيه لنجعل دماؤهم في أبزن ثم نقعدك فيه فإذا أردنا	140
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/144	141	data\A4095.xlsx	A4095	ان نخرجك منه اجتمعنا معشر البراهمه من الافاق الاربعه فرقيناك مسحناك بالما الادهان الطيبه صيرناك الى مجلسك قد اذهب الله عنك ما تجد من الحزن من سو روياك التي رات فان انت صبرت على هذا طابت به نفسك نجوت من البلا العظيم الذي قد رهقك اشرف عليك ان ينزع ملكك تهلك يستاصل عقبك فلما ابرم البرهميون امرهم اتفقو عليه اتو الملك قالوا انا قد نظرنا في كتبنا تبحرناها تفكرنا في روياك اعملنا عقولنا فيها فلسنا نقدر ان نعلمك بما قد راينا لك حتى تخلي لنا مجلسك ففعل ذلك فقصوا عليه الامر على ما اجتمعوا عليه فقال الملك الموت دون ما قلتموه ما اسمع منه فاقتل هذه الانفس التي هي عندي عدل نفسي احتمل الاصر الوزر لابد من الموت على كل حل لست ملكا طول الدهر سوا علي الهلاك فراق الاحبه فقال البرهميون ان انت لم تغضب اخبرنا كان رايك هذا *مخطأ انك لم تصب اذ اهنت نفسك آثرت عليها غيرها لست لشي غيرها مكرما اذا انت اهنتها انت واحد من هولاى عوضا لا تجد من نفسك عوضا لعمري لان تفديها ما سمينا لك امثل اخير فيبقى ملكك سلطانك يصلح امرك فانظر لنفسك دع من سواها فانه لا شي يعدلها فلما راى الملك ان البرهميون قد اغلظوا له في القول اجتروا عليه قام فدخل منزله ووقع لوجهه جعل يتقلب يمينا شمالا محزونا مهموما يفكر في رايه اي	141
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/145	142	data\A4095.xlsx	A4095	الامرين يركب الموت عيانا هو ينظر اليه اذا اعطاهم ما سالوه فمكث لذلك اياما فشا الحديث في ارضه قيل لقد نزل بالملك امرا هو منه في كرب فلما راى ايلاذ الامر الذي وقع فيه الملك من ذلك فكر نظر كان فطنا مجرابا فقال ما ينبغي لي ان استقبل الملك شي دون ان يدعوابي لكني انطلق الى ايراخت امراه الملك فسالها عن ذلك فاتاها فقال اني لا اعلم الملك ركب من امره صغيره لا كبيره منذ كنت معه الا بمشورتي اني كنت صاحب سره لم يكن يكتمني شيا طرا عليه وكان اذا حزبه امر [يقطع] يقطع عزا نفسه فيه *اصطبر على ما نزل عليه به ذكر لي ذلك فاسليه عن امره بارفق ما اقدر عليه اني اراه مستخليا بالبرهميون منذ سبعة ايام قد احتجب فيها عن الناس اني اخاف ان يكون قد اطلعهم على دخيله امره لست امنهم عليه فاذهبي اليه سليه عن حاله ما بلغه ما الذي ذكروا له ثم اعلميني فاني لا استطيع ادخل عليه اني لاحسبهم قد زينوا له امرا قبيحا حملوه على عظيمة او اغظبوه بـشي تشبهوا له فيه فان من اخلاق الملك اذا هو اغتاظ لا يلتفت الى احد ولا يسل عن شي لا ينظر فيه سوا عليه جسيم الامور حقيرها لست اشك انهم لا ينصحوه لما في قلوبهم من الحقد عليه البغض له انهم ان قدروا على هلكته التمسوا له الحيله في ذلك قالت ايراخت انه كان بيني بين الملك كلام لست اته مادام حزينا قال ايلاد لا تحملين الحقد في مثل يومك هذا فلن يقدر احد ان يدخل عليه غيرك قد كنت اسمعه يقول غير مره اني اذا	142
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/146	143	data\A4095.xlsx	A4095	حزنت اهتممت فاتيني ازاحت ذلك عني فانطلقي اليه كلميه بما تظنين انه يطيب به نفسه تجلي عنه ما به فلما سمعت ذلك ايراخت نهضت الى الملك فدخلت عليه جلست عند راسه فقالت له ما امرك ايها الملك السعيد المحمود ما الذي قال لك البرهميون فاني اراك مهموما حزينا فان كان الذي ينبغي لك ان تحزن فيه من اجلنا هو جلا همك سرورك واسيناك بانفسنا فافعل ذلك ان تك غضبا علينا نرضيك نات ما يسرك قال الملك لا تساليني ايتها المراة عن شي فتزيديني †خيالا على مامعي فانه لا ينبغي ان يعلم ذلك لعظم خطره شده هوله قالت ايراخت وقد صار امري عندك الى ان تجيبني بمثل هذا ماسمعت او ما تعلم ان افضل الراى للملك اذا وقع به الامر الذى †يوقظه ان يشاور اهل نصيحته مودته من يهمه امره همه ما احزنه فان المذنب لا يقنط من الرحمه ولكنه يتوب فما يخاف مغبته فلا يدخلنك من الهم الحزن ما الذي ارى بك فانهما لا يردان شيا بل يشتمان العدو يسوان الصديق اهل العلم التجارب ينظرون في ذلك يصبرون انفسهم من عرض الاطماع ما نزل بهم من حوادث الزمان فقال الملك ايتها المراه لا تسليني عن شي فان الذي تفصحينى عنه دماري هلاكك ولدك كثرة من اهل ودى فان البرهميين زعموا انه لابد من قتلك قتل اهلي نصحائي لا خير لي في العيش بعدكم لا لذه لي بعد فراقكم ذلك افظع الامور اجلها خطرا في نفسي فقالت ايراخت لايحزنك الله ايها الملك	143
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/147	144	data\A4095.xlsx	A4095	لا يسوك انفسنا لك الفدا فان ذلك يسير في صلاحك بقاوك قد جعل الله لك من الازواج ما فيه الخلف العوض لكن اطلب اليك بعد موتي ان لا تثق بالبرهميون تشتريهم لا تقل راي احد منهم حتى †توامر فيه اهل نصيحتك الثقة لك تعرف ما تقدم عليه فيه اهل نصيحتك الثقة لك تعرف ما تقدم عليه فيه من القتل فان القتل عظيم الخطب شديد الوزر لست تقدر ان تحي من اهلكت قد قيل ان وجدت جوهرا لا تظن فيه خيرا فاردت ان تلقيه فلا تفعل حتى تريه من يبصره لا تقر عين عدوك من البرهميين غيرهم اعلم انهم لم ينصحوك ابدا قد قتلت منهم منذ قريب اثني عشرة الفا افتظن انهم نسو ذلك لعمري ما كنت جديرا ان تحدثهم بروياك لاتطلعهم بسرك فانهم انما يريدون بما عبروا به روياك زوال ملكك بوار حياتك استئصال *وزرائك اهل العلم الحلم الحكمة مراكبك مراكبك الذي تقاتل عليها الملوك العدو و لكن انطلق الى كنان بزون فاذكرله ذلك وسله عما أحببت فإنه لبيب أمين وليس †عنده †ها ولا شيء إلا وعنده أفضل منه وإن كان في أصله من البرهميين فإنه ناسك مجتهد فقيه فإن أشار عليك بمثل رأيهم فاتيه إليه وإن خالفهم فاعلم أن أولئك لكذبهم أعداؤك أرادوا ادخال النقص عليك في ملكك فلما سمع الملك ذلك منها †تلا همه وأمر بإسراح فرسه وركبه وانطلق إلى كنان بزون فلما انتهى إليه نزل عن فرسه ثم سجد له حياه طاط راسه فقال له كنان بزور [[لا]] [[يحزنك]] [[ايها]] [[الملك]] [[هذا]] [[الامر]] [[لا]] [[يوجلك]] [[فانك]] ما جا بك ايها الملك مال اراك متغير اللون ممتليا هما حزنا	144
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/148	145	data\A4095.xlsx	A4095	لا ارى على راسك التاج لا الاكليل فقال له الملك كنت نايما ذات ليله على ظهر ايواني فسمعت من الارض ثمانيه اصوات استيقظ مع كل *صوت ثم ارقد فرايت ثمانيه احلام فقصصتها على البرهميين فاجابوني بما اخاف ان يصيبني منه امر عظيم اما ان اقتل في حرب واما اغصب ملكي اغلب عليه فقال كنانابزون لا يحزنك ايها الملك هذا الامر ولا يوجلنك فانك لن تموت الان ولن تسلب ملكك لن يصيبك شي من الشر لايصل اليك محذور فاما الاحلام الثمانيه الذي رايت فاقصصها فاني منبيك بتاويلها فقص عليه الملك الرويا فقالكنانابزون اما السمكتان الحمراوان اللتان رايتهما قايمان على اذنابهما مستقبلانك فانه ياتيك من قبل هميون رسول بدرح فيه من الجوهر ما قيمته اربعه الف رطل من الذهب اما البطتان اللتان رايتهما طارتا ورا ظهرك فوقعا بين يديك فانه ياتيك من قبل ملك بلح من يقوم بين يديك بفرسين ليس في الارض مثلهما اما الحيه التى رايتها تدب على رجلك اليسرى فانه تاتيك من عمل صنجين من يقوم بين يديك بسيف خالص الحديد لايوجد مثله اما ما رايت انه تخضب جسدك كله بالدم فانه ياتيك من قبل ملك †كاسرو من يقوم بين يديك بلباس معجب يسمى حلي ارجوان يضي في الظلمه اما ما رايت من غسل جسدك بالما فانه ياتيك من قبل ملك †فللن زر من †ثياب من لباس الملوك ليس يعرف قيمتها فيل ابيض لا تلحقه الخيل اما ما رايت على راسك شبيه النار فانه تاتيك من عند الملك حنارتيوم بين يديك اكليل من ذهب اما قيامك على الجبل الابيض	145
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/149	146	data\A4095.xlsx	A4095	فإنه يأتيك من قبل †كبدرون من يقوم بين يديك بفيل أبيض لا تلحقه الخيل وأما الطير الأبيض الذي نقر رأسك بمنقاره فلست أفسره لك اليوم وليس بضارك فلا توجلن منه ولكن فيه بعض السخط والإعراض عمن تحب فأما البرد والرسل فإلى سبعه أيام يأتونك حتى يقوموا بين يديك فلما سمع الملك ذلك سجد بين يديه وانصرف وقال إني ناظر فيما قال كنانابزون فلما كان اليوم السابع لبس ثيابه وأخذ زينته وجلس في مجلسه وأذن للعظماء والأشراف فجاءته تلك الهدايا التى قال كنانابزون حتى وقفوا بين يديه فلما رأى الملك الرسل والهدايا فرح بها فقال في نفسه لم أوفق حين قصصت رؤياي على البرهميين وأمروني بما أمروني به ولولا أن الله جل اسمه رحمنى وتداركنى برأي إيراخت كنت قد هلكت وزالت دنياي فلذلك ينبغي لكل أحد أن يسمع من الأخيار والأخلاء ذوي القرابات رأيهم ويقبل شورتهم فإن إيراخت أشارت علي ما †ارلدى الذي انتفعت به في *ثبات ملكي والذين ترون من الفرح والسرور فقال إيلاذ له لا يعمل المرء شيئا من الأشياء صغيرا أم كبيرا إلا برأي أهل المودة والخير ثم دعا للملك بإيراخت وولدها جوبر وكال الكاتب وايلاذ وقال لهم لاينبغى لنا أن ندخل هذه الهدايا خزائننا ولكني قاسمها بينكم لأنكم الذين وطنتم أنفسكم على الموت في سببي وبرأي إيراخت التي أشارت علي بالرأي الذي انتفعت به في بقاء ملكي فقال إيلاذ إنه لاينبغي لنا معشر العبيد أن ندنو من هذه الهدايا فأما جوبر ابنك فهو لها أهلا	146
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/150	147	data\A4095.xlsx	A4095	فليأخذ ما أعطيتموه فقال الملك قد شاع لنا في البلاد من هذا ثناء حسن وخير كثير فلا تحتشم يا إيلاذ وخذ نصيبك وقر به عينا فقال إيلاذ ليكن من ذلك ما أحب الملك وليبدأ بأخذ ما يريد فأخذ الملك الفيل الأبيض وأعطى جوبر أحد الفرسين وأعطى إيلاذ السيف الخالص الحديد وأعطى الكاتب الفرس الآخر وبعث إلى كنانابزون الثياب الكتان التي تلبس الملوك أما الإكليل وسائر اللباس مما كان يصلح للنساء فقال يا إيلاذ خذ الإكليل وسائر اللباس فاحمله معي واتبعني إلى مجلس النساء فلما انطلق إليه دعا بإيراخت ومساميتها فجلستا بين يديه وقال يا إيلاذ ضع الكسوة بين يدي إيراخت فلتأخذ أيها شاءت فلما نظرت إيراخت إلى الإكليل والثياب وأعجبها منظرها ولم تدر أيهما تأخذ فنظرت إلى إيلاذ بمؤخر عينها ليريها أيهما أفضل فأراها إيلاذ الثياب وأشار عليها بأخذها فأخذتها وكانت شارته إليها أن غمزها بعينه وحانت من الملك التفاتة فرأى إيلاذ وقد غمز إيراخت فلما رأت إيراخت أن الملك قد أبصر إيلاذ وإيماءه إليها تركت الثياب وأخذت الإكليل مخافة أن يظن الملك بهما سوءا وعاش إيلاذ بعد ذلك أربعين سنة كلما دخل على الملك كسر عينيه خوفا أن لا يظن الملك أنه أراها بعينه شيئا وخوفا أن لا يتهمه بأمر فلولا عقل المرأة ومعرفة الوزير لم ينج واحد منهما من الموت وكان الملك يكون ليلة عند إيراخت وليلة عند مساميتها فأتى إيراخت في ليلتها وقد صنعت أرز فدخلت على الملك وفي يدها صحفة من ذهب والإكليل على	147
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/151	148	data\A4095.xlsx	A4095	رأسها فقامت على رأس الملك بالصحفة هو يطعم منها فلما رأت مساميتها الإكليل على رأس إيراخت غارت فلبست تلك الثياب ومرت بين يديه وكانت كالشمس حسنا فأضاء كل ما حولها فاشتاق إليها وقال لإيراخت إنك جاهلة حين أخذت الإكليل وتركت الثياب التي ليس في خزائننا مثلها وإن جوريناه لأحسن منك عقلا وأكمل رأيا وأشبه بنساء الملوك منك فلما سمعت ذلك منه مع ما عاينت غضبت وضربت بالصفحة رأس الملك فسال الأرز على رأسه ووجهه ولحيته وكان ذلك عبارة الحلم الثامن الذي كتمه إياه كنانابزون ولم يكن يبينه له فدعا الملك بإيلاذ فدخل عليه فقال يا إيلاذ ما ترى إلى ما فعلته هذه المرأة لي وكيف استخفت بي وحقرتني وعملت ما عملت فما أعلم أن ملكا قط اجترئ عليه بمثل ما ركبت هذه الحمقاء مني انطلق بها فاضرب عنقها لا ترحمها فخرج إيلاذ وإيراخت من عند الملك وقال في نفسه ما أنا بقاتلها حتى يسكن غضب الملك فإنها امرأة عاقلة لبيبة حريصة على الخير سعيدة من الملكات ليس لها من النساء عديل في الحلم والعقل وليس الملك صابر عنها وقد خلص الله بها اليوم شرا كثيرا من القتل وعملت أعمال صالحة ونحن نرجوها بعد اليوم ولست آمن أن يقول الملك ما استطعت أن تؤخر قتلها فلست بقاتلها حتى أنظر رأي الملك فيها فإن ندم على قتلها وحزن جئته بها حية وكنت قد عملت ثلاثة أعمال أنجيت إيراخت من القتل وفرجت عن الملك حزنه وافتخرت بذلك على سائر الناس وإن لم يذكرها ولا يشتاق إليها	148
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/152	149	data\A4095.xlsx	A4095	امضيت امره فيها وانطلق بها ايلاذ الى منزله سرا فوكل بها رجلين من امنا الملك الذين يلون امر نسايه امر اهله بحفظها الاستضافها اكرامها حتى ينظر كيف يكون امرها ثم خضب سيفه بالدم دخل به على الملك كييبا حزينا قال قد امضيت امر الملك في ايراخت فلم يلبث الملك ان سكن غضبه فذكر جمال ايراخت رايها عظيم عناها فاشتد حزنه جعل يقوي نفسه ينجلد هو على ذلك يستحي ان يسال ايلاذ لايكون قتلها ينظر ايلاذ الى الملك فيعلم ما في نفسه بفضل علمه فقال لاتحزن ايها الملك لا تغتم فان ليس في الحزن الهم منفعه لكنهما ينحلان الجسم يفسدانه مع ما يدخل على اهل ود الملك ايضا من الحزن اذا حزن فرح اعدايه شماتتهم فانه اذا سمعوا به لم يعد من صاحبه عاقلا لا حازما فاصبر ايها الملك لا تحزن على ما لست بناظر اليه ابدا فان احب الملك حدثته بشبيه امره هذا قال الملك حدثني يا ايلاذ قال ايلاذ زعموا ان حمامتين ذكرا وانثى مليا عشهما من البر الشعير فقال الذكر للانثى اما ماوجدنا في الصحاري مانعيش به فلسنا ناكل مما في عشنا شيا فاذا جا الشتا ولم نصب في الصحاري شيا اقبلنا على مافي عشنا فاكلناه فرضيت الانثى بذلك وقالت نعم ما رايت وكان ذلك الحب نديا حيث وضعاه فامتلا عشهما منه انطلق الذكر في بعض اسفاره فلما جا الصيف يبس ذلك الحب نقص عما كان في †الغير فلما رجع الذكر راى الحب ناقصا قال للانثى اليس كنا قد	149
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/153	150	data\A4095.xlsx	A4095	اجتمعنا الا ناكل من عشنا شيا فلم اكلت فحلفت الانثى انها ما اكلت منه حبة فلم يصدقهاوجعل ينقرها يضربها حتى قتلها فلما جا الشتا والامطار ندي الحب وعاد الي ماكان عليه وامتلا العش كما كان فلما راى الذكر ندم اضطجع الى جانبها ناداها كيف ينفعني العيش اذا طلبتك فلم اقدر عليك فمن كان عاقلا علم انه لاينبغي ان يعجل بالعذاب العقوبه ولا سيما بعذاب من يخاف ان يندم عليه كما ندم الحمام الذكر قد سمعت ان رجلا كان على ظهره †كاره عدس فدخل بين شجر كثير فوضع حمله رقد فنزل قرد كان في الشجره التي نام تحتها فاخذ ملو كفه من ذلك العدس ثم صعد في الشجره فسقطت من يده حبه فطلبها فلم يجدها انتثر العدس من يده فلم يقدر على جمعه انت اليها الملك عندك سته عشر الف امراه تدع ان تلهو بهن تطلب التي لا تجد فلما سمع الملك ذلك خشي ان تكون ايراخت هلكت فقال لابد اني سقطت واحده كانت متى فعلت ما امرتك به ساعتك تعلقت بكلمه واحده لم تتثبت في الامر قال ايلاذ ان الذي قوله واحد لا يختلف كلامه قال الملك ومن ذاك قال الله عز وجل الذي لا يبدل كلامه ولا يختلف قوله قال الملك اشتد حزني لقتل ايراخت قال ايلاذ اثنان ينبغي لهما ان يشتد حزنهما الذي يعمل الاثم الذي لم يعمل برا قط لان فرحهما في الدنيا قليل قال الملك لان رايت ايراخت حيه لا احزن ابدا قال ايلاذ اثنان لا ينبغي لهما ان يحزنا ابدا المجتهد في البر الذي لم ياثم قط قال الملك ما انا بناظر الى ايراخت سوى ما نظرت قال ايلاذ اثنان لا ينظران ابدا	150
https://kalila-and-dimna.fu-berlin.de/manuscripts/A4095/Kd/154	151	data\A4095.xlsx	A4095	الاعمى الذي لا عقل له فانه †كما ان الاعمى لا يبصر السما لا النجوم لا الارض لا يبصر القريب لا البعيد لا امامه لا خلفه كذلك الذي لا عقل له لا يبصر منفعته من مضرته لا يعرف العاقل من الجاهل لا الحسن من القبيح لا المحسن من المسي قال الملك لان رايت ايراخت لشتد فرحتي قال ايلاذ اثنان هما بريان ينبغي لهما ان يشتد فرحهما البصير العالم فكما ان البصير نور العالم مافيه كذلك العالم يبصر الاثم قبحه البغي فيعلمه يهدي من اتبعه الى سبيل الخير قال الملك ماشبعت من رويه ايراخت قط قال ايلاذ اثنان لا يشبعان ابدا الذي لا هم له الا جمع المال الذي ياكل ما يجد يسال ما لا يجد قال لينبغي لنا ان نتباعد عنك يا ايلاذ فانك بذلك جدير قال ايلاذ اثنان ينبغي ان نتباعد منهما الذي يقول لا عذاب لا حساب ولا ثواب لا شي الا ماهو فيه الذي لايقدر ان يصرف بصره عن شهواته عما ليس له لا اذنه عن الاستماع لا فرجه عن نسا غيره لا قلبه عما يهمه من ركوب الاثم فيصير امره الى الندامه الهوان وخزي الابد †الدايم قال الملك صرت من ايراخت صفرا قال ايلاذ ثلثه هن اصفار البحر الذي ليس فيه ما الارض التي ليس فيها ملك المراه التي ليس لها زوج اخرى من لا يعرف الخير من [من] الشر قال الملك انك لملقي الجواب يايلاذ قال ايلاذ ثلثه هم ملقون الجواب الملك الذي يقسم يعطي من خزاينه المراه المسماه لبعض من تهوي من ذوي الاحساب الرجل العالم الذي قد تفرغ	151